3 نصائح لدخول مجال الاستشارات

تُعد الاستشارات مهنة مجزية وتحدياً مثيراً، وهي تناسب كثيراً من الأشخاص. لذلك سيناقش هذا المقال كيف يمكنك أن تصبح استشارياً محترفاً.

إنَّ الاستشارات أكثر من مجرد مهنة، هي رحلة مليئة بالتحديات والتعلم حيث تتاح لك الفرصة للمشاركة في مشاريع بارزة، وهي أيضاً تجربة ممتعة للغاية. قد تتساءل عن كيفية دخول المجال إذا كنت مهتمّاً حقاً بالاستشارات. لذلك يقدم لك هذا المقال الخطوات العملية التي تقودك لتصبح استشارياً ناجحاً بصرف النظر عن موقعك الحالي، سواء كنت خريجاً جديداً أم بدأت بالفعل مسيرتك المهنية في مجال آخر، وترغب الآن في استغلال مهاراتك وخبراتك لتصبح استشارياً.

ما هي أهم النصائح للعمل في قطاع الاستشارات؟

فيما يلي 3 نصائح أساسية لدخول مجال الاستشارات:

1. حدد تخصصك الاستشاري

تحديد التخصص هو النصيحة الأولى للعمل في مجال الاستشارات الذي يضم عدداً كبيراً من التخصصات المختلفة. أمامك خيارات عديدة، يُذكَر منها على سبيل المثال لا الحصر: الاستشارة التقنية أو الوظيفية أو التشغيلية أو التنظيمية. قد تختار مساراً معيناً ثم تقرر أنَّك تريد التغيير وتجربة تخصص آخر، وسيكون هذا التغيير سهلاً نسبياً، وهنا تكمن متعة العمل في هذا المجال.

تستعين المؤسسات بخدمات الاستشاريين خلال المراحل الانتقالية والتغييرات النوعية التي تتطلب مجموعة متنوعة من المهارات. لكن أولاً حدِّد مجال تركيزك واهتمامك عند دخولك مجال الاستشارات.

بمجرد أن تحدد تخصصك، يمكنك أن تتوسع فيه أو تنتقل إلى غيره. يجب أن تكون لديك رؤية واضحة لما تريد تحقيقه في مجال الاستشارات للحصول على فرصة الدخول في هذا المجال. يميل العديد من المستشارين للتخصص في المجال التقني وتطوير البرمجيات، في حين يفضل آخرون التركيز على تحسين العمليات والإجراءات ضمن المؤسسات.

إذا اخترت أن تكون مستشاراً تشغيلياً، فعليك التركيز على نوع الوظيفة التي ترغب في التخصص بها. إذا كان لديك خبرة سابقة في القطاع المالي، فركّز على العمليات المالية. أمّا إذا كنت ممارساً في سلسلة الإمداد، فبالطبع يجب عليك التركيز على إدارة سلاسل الإمداد (Supply Chain Management).

كما قلنا سابقاً، التخصص هام، فإذا كنت مهتماً بالتكنولوجيا، يجب عليك تحديد نوع التكنولوجيا التي ترغب في التخصص بها لا أن يكون تركيزك عاماً. لنفرض أنَّك اخترت التركيز على أنظمة "تخطيط موارد المؤسسات" (Enterprise Resource Planning-ERP)، يجب أن تختص في نوع محدد من الأنظمة أو العلامات التجارية. وهنا تبرز أهمية التركيز على تخصص دقيق، إذ يستحيل من الناحية العملية أن تكون خبيراً في تطوير الأنظمة وإعدادها على أكثر من منصة.

نجد أيضاً استشاريي التغيير التنظيمي ضمن فئات الاستشاريين الأكثر شيوعاً. قد يمتلك هؤلاء الاستشاريون خبرة تشغيلية أو تقنية بسيطة، لكنَّ تركيزهم الرئيسي ينصبُّ على مساعدة المؤسسات في تجاوز مراحل التغيير. إنَّهم يعملون على تحديد تأثيرات التغيير وتصميم الهيكل التنظيمي، بالإضافة إلى دعم مجالات التدريب والتواصل وغيرها من الجوانب ذات الصلة.

كانت هذه بعض الأمثلة للتفكير والتأمل، ولكن تقتضي الخطوة الأولى للعمل في هذا المجال أن تمتلك رؤية واضحة لنوع الاستشاري الذي تود أن تكونه.

الخطوة التالية هي تحديد مهاراتك الحالية المتعلقة بالمجال فهي تساعدك في دخول عالم الاستشارة. لا تقلق إذا كنت تفتقر لمثل هذه المهارات حيث سيتطرَّق المقال إلى نصائح للتغلب على هذه المشكلة، واكتساب المهارات اللازمة، ولكن هذه الخطوة تركز على تحديد المؤهلات والإمكانيات.

لنفترض أنّك طالب جامعي من دون أي خبرة عملية، يمكنك حينها التفكير في الدروس التي تعلمتها من بعض المقررات الدراسية أو الأنشطة الإضافية التي شاركت فيها. فكِّر كيف يمكنك ربط تلك التجارب بعالم الاستشارة.

لنقل مثلاً أنّك لاعب رياضي، فكِّر في مهارات العمل الجماعي أو التواصل التي قد تكون اكتسبتها من تجربتك الرياضية، وكيف يمكنك تقديم نفسك كشخص يمتلك مهارات قوية في هذين المجالين. وإذا كنت محظوظاً بما يكفي للحصول على فرصة تدريب داخلي، فكِّر في الخبرة التي اكتسبتها ضمن البيئة العملية. التدريب الداخلي هام جداً وهو فرصة عليك السعي للحصول عليها عند الإمكان.

سوف تنتقل بسهولة أكبر بالطبع للمجال الاستشاري إذا كنت خبيراً أو في منتصف مسيرتك المهنية، لأنَّك تمتلك بالفعل خبرة عملية حقيقية ومهارات قابلة للنقل تسهّل عليك المهمة. على سبيل المثال، إذا كنت مدير سلسلة إمداد في منظمة صناعية، سيكون من المنطقي تماماً أن تستفيد من تلك الخبرة لتصبح استشارياً في إدارة سلاسل الإمداد أو متخصصاً في تقنيات سلاسل الإمداد.

إذا كنت تمتلك الخبرة العملية، اربط بين ما أنجزته وظيفياً وبين المهارات الشخصية التي طوّرتها خلال تجربتك لتبرز قيمتك المهنية بوضوح.

2. اكتسب الخبرة المناسبة

ناقشنا كيف تستفيد من مهاراتك الحالية، وسنتطرق الآن لكيفية الحصول على المهارات التي تفتقر إليها. هذه النقطة غاية في الأهمية لأنَّ السعي للتعلم واستغلال الفرص بصورة صحيحة لاكتساب مهارات جديدة سيقودك للنجاح في النهاية، حتى إن كانت خطواتك الأولى متواضعة. النجاح لا يأتي فجأة، بل هو حصيلة جهد متراكم على مدار السنين.

عليك السعي لاكتساب خبرة عملية بأي طريقة، والتدريب الداخلي خطوة أولى ممتازة. لا تتردد في اغتنام أي تدريب داخلي أو فرصة عمل تساعدك في دخول هذا المجال حتى لو كانت بسيطة أو بأجر متواضع.

ستمنحك هذه الفرصة الذهبية الخبرة المناسبة، وتربط بين قدراتك الحالية والمهارات التي تحتاجها لتكون استشارياً ناجحاً في المستقبل. لا تحاول في هذه المرحلة أن تصبح استشارياً خبيراً، كُن جيداً فقط بما يكفي لتحصل على فرصة عمل في إحدى شركات الاستشارات.

اكتساب الخبرة المناسبة

3. طوِّر مهاراتك الناعمة

المهارات الناعمة عامل حاسم لنجاح الاستشاري، وقد تؤدي دوراً أكثر من المهارات التقنية العملية. مثلاً، قد تكون خبيراً تكنولوجياً هاماً ذا معرفة واسعة، ولكنَّك ومهما بلغ ذكاؤك التقني لن تكون استشارياً ناجحاً عند افتقارك لمهارات التواصل والتعاون والإصغاء إلى الآخرين.

تعتمد الاستشارة على الذكاء العاطفي والقدرة على فهم المشاعر، وليس على المعرفة الأكاديمية فقط. يجب أن تكون مستمعاً جيداً لتصبح استشارياً ناجحاً، وتتعلم كيف تصغي للآخرين وكيف تطرح الأسئلة الصحيحة. الاستماع الفعّال يخفف الضغط عنك ويمنحك فرصة للتفكير. سوف تنجح بالتأكيد إذا استمعت بعمق وطرحت الأسئلة المناسبة، وهذا يفيدك أحياناً أكثر من معلوماتك التقنية.

التطوير الذاتي رحلة مستمرة، لذا لا تقلق إن كنت تفتقر لبعض المهارات. الوقت دائماً مناسب لتعلم شيء جديد. يُذكَر من أبرز المهارات المطلوبة لتحقيق النجاح في مجال الاستشارات مهارات التواصل والتعاون والعرض والإلقاء، بالإضافة إلى ضرورة تنمية الثقة بالنفس وأسلوب التعامل مع الآخرين.

يمكنك الانضمام إلى المنظمة التعليمية العالمية "توست ماسترز" (Toastmasters) التي تساعد الناس على تحسين مهاراتهم في الخطابة، كما يُنصَح بالتسجيل في دورات التواصل الفعال. هناك العديد من الخيارات المتاحة لك لاكتساب هذه الخبرات، لكن عليك أن تركِّز على المهارات الشخصية بجانب المهارات التقنية التي تحتاجها لتطوير مسيرتك المهنية. حاول أن تنال شهادة في إدارة البرامج أو المجالات التقنية إن أمكنك.

بعد أن حدَّدت تخصصك واكتسبت المهارات اللازمة، يجب أن تسوّق لنفسك لكي تعرّف أرباب العمل المحتملين بوجودك وأهميتك وتجذب انتباههم. اِستفد من منصة "لينكد إن" (LinkedIn) فهي مليئة بالفرص، حيث تستطيع تجاوز إجراءات التوظيف الرسمية وبناء علاقة شخصية مع مسؤولي التوظيف أو ربما مع المديرين إذا تمكَّنت من التواصل مع صناع القرار الذين قد يكونون في حاجة إلى توظيف أشخاص جدد، وإقناعهم بمنحك الفرصة التي تستحقها.

إليك نصيحة جوهرية هنا: لا تبدأ بإرسال رسائل بسيطة وعامة، مثل "مرحباً سيد محمد، أنا مهتم بالعمل في شركتكم، يرجى الاطلاع على سيرتي الذاتية". هذه طريقة فاشلة تماماً لتسويق نفسك. يتلقى صناع القرار عشرات الرسائل من هذا النوع يومياً على "لينكد إن"، ولكنَّهم بالطبع لا يمتلكون الوقت لقراءتها. بالمقابل، ستجذب انتباههم رسالة مخصصة تحمل طابعاً شخصياً تتعلق بشيء ربما قالوه أو يعرفه الشخص عنهم، رسالة كهذه ستدفعهم لقراءتها وتحديد إن كان هذا الشخص يستحق فرصة.

الخلاصة، لا ترسل رسالة عامة أو نموذجية، بل فكِّر في كيفية تمييز نفسك وجذب انتباه الشخص بطريقة ترفع من قيمتك. يمكنك إنشاء فيديو تعريفي قصير مدته 30 أو 60 ثانية، سيكون ذلك مخصصاً ويتيح لصاحب القرار فرصة لرؤية سلوكك وثقتك بنفسك ومهارات العرض والإلقاء لديك. هذه فكرة ممتازة لتسويق نفسك.

تساعد مقاطع الفيديو الآخرين في إجراء تقييم سريع لإمكانيات الشخص وفرص نجاحه، لهذا السبب عليك أن تفكر في طريقة مبتكرة لتسويق نفسك. يمكنك بالتأكيد البحث ضمن إعلانات الوظائف، ولكن تذكر أنَّ هذا الخيار تنافسي للغاية وفرص النجاح فيه ليست مرتفعة. اِجعل من نفسك علامة فارقة، وكُن مبتكراً في طريقة تقديم نفسك لكي تنجح في دخول سوق العمل والتميز فيه.

في الختام

تُعَد الاستشارات مهنة مشوقة ومليئة بالتحديات، وهي تتطلب التعلم المستمر. للبدء في هذا المجال، يجب أولاً تحديد التخصص المرغوب، ثم التركيز على تطوير المهارات المناسبة وتحقيق التوازن بين المهارات التقنية والمهارات الشخصية.

اكتساب الخبرة العملية من خلال التدريب الداخلي يمكن أن يفتح لك الأبواب ويعزز مسيرتك المهنية. بالإضافة إلى ذلك، اِحرص على تسويق نفسك بطريقة مبتكرة وبناء علاقات مهنية وثيقة لكي تعزز فرصك في الحصول على وظائف جيدة في هذا المجال. تذكر أنَّ الاستشارات ليست مجرد مهنة، بل هي رحلة ممتعة مليئة بالفرص والتحديات.

أحدث المقالات

ابق على اطلاع بآخر المستجدات

کن على اطلاع بآخر المقالات والمصادر والدورات القادمة