5 توجهات في استشارات التأثير الاجتماعي لعام 2025

 يلعب المستشارون دوراً حيوياً في سلسلة التأثير الاجتماعي في عالم اليوم سريعِ التغيّر، ويشمل دورهم إدارة البرامج اليومية وتقديم المشورة بشأن الاستراتيجيات الأكثر شموليةً.

حيث تُعتبر "المسؤولية الاجتماعية للشركات" (Corporate Social Responsibility - CSR) قطاعاً واسعاً يضم مستشارين وخبراء موظفين ضمن الشركات مثل قادة التأثير الاجتماعي أو مدراء المسؤولية الاجتماعية للشركات. ويمكن لمستشاري التأثير الاجتماعي المساعدة في اختيار السياق السردي للشركة والبرمجيات المناسبة للتبرعات، وإدارة إجراءات الأعمال الخيرية، وتنظيم برامج التطوع، على سبيل المثال. 

ويُشار إلى أن بعض المستشارين يبدأون مسيرتهم المهنية ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات الخاصة بالمنظمات، بينما ينتقل آخرون إلى هذا المجال بحثاً عن عمل هادف يُغني حياتهم. حيث تشير دراسات "كلية ييل للإدارة" (Yale School of Management) إلى أنَّ العديد من طلاب الدراسات العليا يتلقون تدريباً خاصاً في هذا المجال، حيث أبدى أكثر من نصفهم استعدادهم لقبول أجور أقل مقابل العمل ضمن هذا القطاع.

ويقدم مستشارو التأثير الاجتماعي أفكار وحلول مبتكرة وذلك بصرف النظر عن خبراتهم وتجاربهم المهنية السابقة. وستعتمد هذه المنظمات على تلك الرؤى والمواهب اليوم في عام 2025 الذي يمكن عنونته بـ "اللاستقرار وعدم اليقين" على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.

ما هي التوجهات في استشارات التأثير الاجتماعي لعام 2025؟

فيما يلي 5 توجهات سائدة في مجال استشارات التأثير الاجتماعي لعام 2025:

1. الحاجة إلى سرد قصص التأثير الاجتماعي بشكل أكثر واقعية

يلاحظ أصحاب المصلحة داخل المؤسسة، والمنظمات الشريكة، وحتى العملاء ضعف السرد القصصي الخاص بمشاريع الأثر الاجتماعي، لهذا السبب يُنصَح بالاهتمام بتقارير تقييم الأثر الاجتماعي في نهاية العام، وتسليط الضوء على الأعمال الخيرية التي يقوم بها الموظفون كل يوم، والبحث عن مزيد من الفرص لإبراز دور الشركة في خدمة المجتمع. 

حيث يمكن أن يؤدي ضعف السرد إلى فشل برامج الأثر الاجتماعي، وخاصة عندما لا يوضح أهداف المنظمة، ورسالتها، وأسباب تخصيص الموارد لقضية معيَّنة، فتفقد هذه المبادرات مصداقيتها ويعتبرها الجمهور وسيلة لاستغلال القضايا الاجتماعية لأغراض دعائية وتجارية. 

كما يجب على مستشاري التأثير الاجتماعي قيادة النقاش نحو السرد الشامل حول مبادرات العطاء والتطوع للموظفين ضمن المؤسسات.

2. ازدهار منصات التكنولوجيا المصممة لتعزيز مشاركة الموظفين

يستمتع العديد من الموظفين بالجانب الاجتماعي لمبادرات التطوع، بينما يفضّل آخرون إجراء تبرعات شهرية بشكل هادئ لدعم القضايا التي يهتمون بها على الأمد الطويل. حيث يرتفع مستوى سعادة الموظفين، وإنتاجيتهم، واحتمال بقائهم في المؤسسة عندما تُتاح لهم فرصة العمل بالطريقة التي تناسبهم وتساعدهم في إدراك أثرهم في المجتمع.

وتُظهر إحدى الدراسات الحديثة أنَّ المنظمات التي تركز على الأهداف تزيد نسبة الاحتفاظ بالموظفين بما يعادل 40% مقارنةً بمنافسيها. لذلك يجب على مستشاري التأثير الاجتماعي النظر في إمكانية اعتماد منصة تكنولوجيا تأثير اجتماعي مصممة خصيصاً لتعزيز مشاركة الموظفين المتحمسين. 

3. استجابة برامج المسؤولية الاجتماعية للطوارئ والقضايا المستمرة

يسعى مستشارو التأثير الاجتماعي دائماً لمتابعة القضايا التي تهم موظفي عملائهم، وهذا يتطلب منهم توضيح المجالات الأساسية التي تركز عليها المنظمة، وفرص المشاركة المتاحة للموظفين. ويمثل بناء برنامج قوي التحدي الرئيسي في هذا السياق.

حيث يُطلب من مستشاري التأثير الاجتماعي في كثير من الأحيان تقديم المشورة حول كيفية الاستجابة للكوارث الطبيعية لأنَّ الموظفين يتطلعون لتكريس تبرعاتهم المدعومة من الشركة للمساعدة في أوقات الأزمات. وتشير أحدث بيانات شركة "سي إي سي بي" (Chief Executives for Corporate Purpose - CECP) إلى أنَّ التبرعات المخصصة للإغاثة من الكوارث شهدت العام الماضي معدل نمو مذهل بلغ 208%.

4. الحاجة الملحة للربط بين المنظمات ذات الأهداف المشتركة

تواجه بعض فِرَق التأثير الاجتماعي تحدياً في تحديد المنظمة غير الربحية التي يجب دعمها، بالرغم من كونهم فريق مثالي يمتلك كل الموارد والشغف اللازمين.

ويوجد العديد من المنظمات غير الربحية حول العالم، مما يصعّب مهمة الاختيار وإيجاد منظمة تحقق جميع المتطلبات، مثل الهدف والموقع والقدرة. حيث يساعد مستشار التأثير الاجتماعي في تحديد المنظمات التي تحقق المعايير المطلوبة.  

هذا ويبدأ بعض مستشاري التأثير الاجتماعي بطلب ترشيح المنظمات غير الربحية نفسها عبر مواقعها الإلكترونية، وهذه طريقة فعالة لبدء علاقة مع منظمة قد تكون غير معروفة بالنسبة للمستشار.

كما تقدم المنصات التكنولوجية المفيدة في مجال التأثير الاجتماعي أيضاً للموظفين وقادة البرامج ومستشاري التأثير الاجتماعي القدرة على ترشيح منظمة غير ربحية لتضمينها ضمن شبكتهم. يعزز هذا فرصة المستشار في بناء علاقات طويلة الأمد مع العملاء وتحقيق تأثير دائم من خلال البدء مع المنظمات المفضلة للعميل.

استشارات التأثير الاجتماعي

5. تحديد وتوحيد الفِرَق المدفوعة بالأهداف في المنظمات الكبيرة

يَصعُب على مستشار التأثير الاجتماعي الارتباط بقسم واحد فقط من منظمة عملائهم، وخاصةً في المنظمات الكبيرة. يضيع الكثير من الوقت بين الرسائل الإلكترونية المرفوضة، والمحادثات المطوّلة حول ملكية المشاريع، والاجتماعات المتكررة، مما يؤدي إلى عرقلة مبادرات التأثير الاجتماعي، والفشل في تحقيق النتائج المرجوة.

ويبدو هذا جلياً بشكل خاص في المنظمات الكبيرة، حيث تحتاج الفرق الكبيرة المنتشرة في مناطق مختلفة حول العالم إلى مستشار تأثير اجتماعي متمكّن لمساعدتهم في توحيد جهودهم في مكان واحد.

وفي هذا الصدد يقول "تشاد هيرتلينج" (Chad Haertling) في مقاله "البحث عن توافق الأهداف" (Finding the Purpose Fit):

"صفوة الكلام، يجب أن نكون قادرين على مناقشة زملائنا بتأثير القضايا الهامة على حياتهم اليومية. قد يتطلب ذلك أحياناً إشراكهم في شغفهم العميق، أو ربما مطالبتهم بتحمل مسؤوليات إضافية في العمل. يجب أن نكون مستعدين لكلا النوعين من المحادثات، لأنَّ هذا ما نحتاجه لاستثمار الإمكانيات والمواهب المتوفرة في فعل الخير في العالم."

كيف تؤثر توجهات التأثير الاجتماعي على العمل اليومي؟

لا يتضح الرابط بين الظواهر الاجتماعية والبيئية والاقتصادية الكبرى التي تحدث في العالم اليوم وعمل مستشاري للتأثير الاجتماعي، ويتساءل العديد من هؤلاء المستشارين عن كيفية ضمان أنَّ عملاءهم في وضع جيد للاستجابة للقضايا المستمرة والتطورات الراهنة.

وقد يبدو أنَّ تعقيد هذه القضايا يعني بالضرورة أنَّ الجهود المطلوبة للمساعدة يجب أن تكون معقدة أيضاً. ولكنَّ أولويات موظفي العملاء يجب أن تكون الأولوية بالنسبة للمستشار أيضاً. تشمل هذه القضايا الاجتماعية البيئة والركود العالمي الوشيك وحتى الزلازل المدمرة في تركيا وسوريا.

حيث يقود المستشار المنظمة، وتقع على عاتقه مسؤولية تشجيع الموظفين على الازدهار والتألق. إنَّ تعزيز مشاركتهم الفطرية في القضايا التي تهمهم سيوضح المجالات التي تتناسب بشكل أفضل مع اهتمامات العملاء وقدراتهم الفريدة.

في الختام

يُعتبر مستشارو التأثير الاجتماعي حلقة الوصل بين المنظمة وأهدافها الأساسية، وتقع على عاتقهم مسؤولية استثمار كل أداة متاحة لجعل العمل الخيري جزءاً من الحياة اليومية لكل من المتدربين والتنفيذيين. وفي ظل هذه التوجهات، يتضح أنَّ استشارات التأثير الاجتماعي ستظل أساسية لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية في عام 2025 وما بعده.

ومن خلال التركيز على سرد قصص واقعية، واستخدام التكنولوجيا لتعزيز مشاركة الموظفين، والاستجابة الفعّالة للطوارئ، وربط المنظمات ذات الأهداف المشتركة، يمكن لمستشاري التأثير الاجتماعي تحقيق تأثير إيجابي ودائم.

تحفيز الموظفين والعملاء على المشاركة في القضايا التي تهمهم سيمكّن المستشارين من تحقيق النجاح وبناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة. دور مستشاري التأثير الاجتماعي يمتد إلى بناء جسور التفاهم والتعاون لتحقيق مستقبل أفضل للجميع.

أحدث المقالات

ابق على اطلاع بآخر المستجدات

کن على اطلاع بآخر المقالات والمصادر والدورات القادمة