6 توجهات بارزة في مجال الاستشارة

يشهد مجال الاستشارات تغيرات مستمرة؛ إذ يواكب أحدث التقنيات، ويتكيف مع التحولات في السوق وتوقعات العملاء. يتضح جلياً أنَّ هذا القطاع سيستمر في التطور بشكل متسارع، مما يفرض على الشركات والمستشارين تبنِّي استراتيجيات مرنة لمواكبة هذه التغيرات، والبقاء في الصدارة.

لا يقتصر دور المستشارين اليوم على حل المشكلات؛ إذ إنّهم شركاء استراتيجيون، ورواد فكر، وقادة ابتكار. زاد الطلب على الخدمات الاستشارية ذات القيمة العالية مع ازدياد التقلُّبات والاضطرابات، وتسارع التقدم التكنولوجي، وتغير الأسواق العالمية.

لذا، ينبغي أن يفهم القادة في مجال الاستشارات أو أي شخص يفكر في امتهانه، هذه التوجهات لضمان تحقيق النجاح.

ما هي أهم التوجهات المستقبيلة في قطاع الاستشارات؟

في ما يلي، 6 توجهات بارزة في قطاع الاستشارات:

1. الاستشارات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي

يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولات جذرية في قطاعات مختلفة، ومن ضمنها الاستشارات؛ إذ من المتوقع أن يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً بارزاً في الخدمات الاستشارية. ستمكِّن أدوات الذكاء الاصطناعي المستشارين من تقديم حلول ذكية وسريعة تعتمد على البيانات من خلال أداء مهام مثل تحليل البيانات والتحليل التنبؤي.

• التحليل الآلي (Automated Analysis): يساعد الذكاء الاصطناعي المستشارين في معالجة كميات كبيرة من البيانات، مما يتيح استخلاص رؤى دقيقة.
• الرؤى التنبؤية (Predictive Insights): تتنبأ الخوارزميات المتقدمة بتوجهات السوق وسلوك الزبائن، مما يسهم في اتخاذ قرارات استباقية ومرنة.
• الاستشارات الشخصية (Personalized Consulting): تساعد الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي المستشارين في تخصيص نصائحهم، وإنشاء استراتيجيات مُصممة لتلبية احتياجات كل عميل.

يجب على المستشارين إذاً التكيف مع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، واكتساب مهارات جديدة للاستفادة منها بفعالية، وتحقيق الميزة التنافسية.

2. زيادة التركيز على الاستدامة ومبادرات الممارسات البيئية، والاجتماعية، وحوكمة الشركات

تزداد حاجة الشركات إلى اعتماد ممارسات مستدامة، والتركيز على الأهداف المتعلقة بالممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG). يؤدي المستشارون دوراً بارزاً في مساعدة المؤسسات في وضع استراتيجيات تتوافق مع مبادرات الاستدامة وتقديم القيمة على الأمد الطويل.

• الاستدامة بوصفها استراتيجية أساسية: يساعد المستشارون الشركات في تحديد الطرائق التي يمكنها فيها تقليل بصمتها الكربونية، وتحسين سلسلة التوريد، ومواءمة العمليات مع أهداف الاستدامة العالمية.
• تقارير الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات: مع تزايد التدقيق على أداء الشركات في الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، يساعد المستشارون الشركات في إعداد تقارير فعالة عن مقاييس هذا المجال.
• ابتكارات صديقة للبيئة: ستقدم الشركات الاستشارية استراتيجيات للابتكار وفق شروط ومعايير الاستدامة، مثل تطوير منتجات وإنشاء سلاسل توريد صديقة للبيئة.

سيزداد الطلب على المستشارين الخبراء في مجال الاستدامة والممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، مما يزيد الحاجة إلى تطوير المهارات في هذا المجال في السنوات القادمة.

3. نماذج الاستشارات عن بُعد وأنظمة العمل الهجينة

يستمر التوجه نحو العمل عن بُعد واعتماد نظام العمل الهجين؛ إذ لم تعُد القيود الجغرافية تقيد العملاء، وتستجيب الشركات الاستشارية لهذا التحول من خلال تقديم حلول مرنة تعتمد على التكنولوجيا الرقمية.

• أدوات التعاون الافتراضي: سيزداد استخدام منصات مثل: "زووم" (Zoom) و"مايكروسوفت تيمز" (Microsoft Teams) و"أتلاس سي آر" (AtlasCR)، مما يسهل على المستشارين التعاون مع العملاء حول العالم.
• استقطاب المواهب العالمية: يُتيح العمل عن بُعد استقطاب مجموعة واسعة من المواهب، لا سيما حين تنظمها الشركات الاستشارية في شبكات دولية. يؤدي ذلك إلى استقطاب مجموعة متنوعة وشاملة من المستشارين الذين يعملون على مشاريع مختلفة.
• توفير مرونة أكبر للمستشارين: سيقدم المستشارون في المستقبل نماذج مرنة، ويعملون بطريقة تناسب أنماط حياتهم واحتياجات عملائهم، بما في ذلك نماذج العمل بدوام جزئي، أو عند الطلب، أو العمل على مشاريع محددة.

ينبغي على المستشارين إذاً تطوير مهاراتهم الرقمية، والقدرة على إدارة فِرَق العمل الافتراضية بفعالية.

4. استخدام البيانات والتحليلات المتقدمة في الاستشارات

مع ازدياد البيانات التي تنتجها الشركات، من المتوقَّع أن يساعد المستشارون العملاء في جمعها، وتخزينها، وتحليلها، والاستفادة منها في استخلاص رؤى عملية.

• التحليلات المتقدمة: سيستخدم المستشارون التحليلات التنبؤية، وبرامج البيانات الضخمة، وخوارزميات التعلم الآلي لتقديم رؤى قيِّمة، وقابلة للتطبيق في عمليات اتخاذ القرار.
• حوكمة البيانات: مع تزايد المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات وأمنها، ستعتمد الشركات على المستشارين لوضع استراتيجيات حول حوكمة البيانات، مما يضمن الالتزام بالمعايير القانونية والأخلاقية في جمع البيانات، وتحليلها، ومشاركتها.
• التحليلات القائمة على الزبائن: سيصبح فهم سلوك الزبائن، واستخدام البيانات في وضع الاستراتيجيات، أمراً ضرورياً بالنسبة للشركات التي تسعى إلى التميز عن المنافسين.

سيزداد الطلب على المستشارين الذين يمكنهم الجمع بين المعرفة المتخصصة والخبرة التقنية في تحليل البيانات.

5. اتباع أساليب مرنة في الاستشارات

تُعَد المرونة ضرورة في ظل التغيرات السريعة التي تشهدها بيئات العمل؛ إذ سيحتاج المستشارون إلى تقديم حلول مرنة وقابلة للتكيف لعملائهم تلبيةً للاحتياجات المتغيرة، ومتطلبات السوق، والاضطرابات المستمرة الناجمة عن التقدم التكنولوجي والأزمات العالمية.

• منهجية "أجايل" (Agile Methodology): تعتمد مزيد من الشركات الاستشارية ممارسات أجايل أو الأساليب المرنة، مما يوفر للعملاء حلولاً أسرع وأكثر مرونة. سيحقق المستشارون نتائج أسرع خلال فترات زمنية قصيرة، ويعدلوا الاستراتيجيات حسب الحاجة.
• التعلم والتكيف المستمران: سيركز المستشارون على التحسين المستمر، وتعديل استراتيجياتهم مع ظهور بيانات وتغيرات جديدة في السوق، بدلاً من الالتزام بالخطط الجامدة.
• التعاون مع العملاء: بدلاً من فرض الحلول، سيتعاون المستشارون مع العملاء، ويعدلوا استراتيجياتهم لتتوافق مع احتياجاتهم.

سيكون المستشارون الذين يتبنون ممارسات مرنة، ويبنون شراكات قوية مع العملاء في المقدمة.

6. الطلب على المستشارين المتخصصين

مع تزايد التحديات المعقدة التي تواجهها الشركات، سيزداد الطلب على المستشارين المتخصصين في مجالات دقيقة. يشمل هذا التوجه: المعرفة المتخصصة في مجالات مثل الأمن السيبراني، والتحول الرقمي، والرعاية الصحية، وغيرها.

• الأسواق المتخصصة: ستبحث الشركات عن مستشارين لديهم معرفة دقيقة في مجالات محددة، ونتيجة لذلك، سيتمكن المستشارون المتخصصون من طلب أجور عالية.
• شبكات الخبراء: ستعتمد الشركات على شبكات الخبراء ومنصات تقديم الاستشارات للعثور على مستشارين يتمتعون بخبرة واسعة في مجالات محددة، مما يُسهِّل على الشركات الاستفادة من المعرفة المتخصصة.

ينبغي أن يركز المستشارون على اكتساب الخبرة في مجالات متخصصة ومطلوبة في سوق العمل لضمان تحقيق الميزة التنافسية.

في الختام

سيكون قطاع الاستشارات أمام تحول كبير في المستقبل؛ إذ يبحث العملاء عن حلول أسرع وأكثر كفاءة وابتكاراً، مما يتطلب من المستشارين تطوير مهاراتهم وأساليبهم لتلبية هذه المتطلبات الجديدة وتحقيق النجاح، وقد يتطلب الأمر منهم إتقان استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، أو التركيز على الاستدامة، أو تبني منهجيات مرنة.

سيزدهر مجال الاستشارات في المستقبل؛ لكنَّ مواكبته تتطلب المرونة والتعلم المستمر والفهم العميق للتوجهات الناشئة للبقاء في الطليعة.