مهارات التواصل في مجال تقديم الاستشارات: أهميتها، وفوائدها، وصعوباتها، وأنواعها، وخطوات تنميتها - الجزء الأول
أصبح إتقان مهارات التواصل أولويةً أساسيةً في ظلِّ التغيرات المستمرة في قطاع تقديم الاستشارات الذي يعتمد على تحليل المشكلات المعقدة، وتقديم الحلول الواضحة، وبناء العلاقات القوية، وتعتمد هذه المسؤوليات والمهام بشكل أساسي على مهارات التواصل، وهي لا تقتصر على تقديم الأجوبة والحلول فقط، بل إنَّها تتطلَّب طرحها على العميل بأسلوب واضح ومقنع؛ لذا يجب أن يتقن المستشار مجموعة متنوعة من مهارات التواصل ويُذكَر من أبرزها التواصل اللفظي، والكتابي، وتأويل لغة الجسد.
يسهم التواصل الفعال في مجال تقديم الاستشارات في بناء الثقة، وتعزيز اندماج العملاء، والنجاح في تحقيق النتائج المرجوة من المشاريع، فيضطر المستشار للتعامل مع قطاعات عمل تختلف في موضوعاتها ومصطلحاتها التخصصية، وثقافة شركاتها، وأساليب التواصل الشخصية بين أفرادها، وهذا يزيد من عبء العمل الواقع على عاتقه.
يتألَّف المقال من جزأين، وهو يبحث في أهمية مهارات التواصل في مجال تقديم الاستشارات، ويقدم معلومات وافية عن أنواعها وخطوات تنميتها وإتقانها.
دور مهارات التواصل في مجال تقديم الاستشارات
التواصل الفعال ضروري لتحقيق النجاح في مجال الاستشارات الإدارية، فتعتمد مهنة المستشار على التواصل أكثر من الخبرات التقنية والمعلومات الأكاديمية، ولا ينجح المستشار في تحقيق النتائج المرجوة ما لم يطرح أفكاره بأسلوب يفهمه الجمهور المستهدف.
فيما يأتي 5 فوائد للتواصل الفعال في مجال تقديم الاستشارات:
1. طرح الأفكار بأسلوب واضح
يضطر المستشار للتعامل مع بيانات معقدة، ومشكلات شائكة، وتفاصيل تقنية أكثر من أصحاب المصلحة الأساسيين مثل العملاء والشركاء، وفي هذه الحالات تبرز أهمية قدرته على تبسيط الموضوع وتحويله إلى أفكار مفهومة وواضحة بالنسبة إلى المعنيين.
لا يستفيد العميل من خبراتك عندما تبالغ في استخدام المصطلحات التخصصية أو تخاطبه بلغة معقدة، ولكنَّك بالمقابل تساعده على تحسين جودة قراراته عندما تشرح له المعلومات المعقدة بأسلوب واضح يأخذ بالحسبان خبراته ومنظوره الشخصي.
لا يمكنك أن تناقش المدير التنفيذي بتفاصيل مقاييس الإنتاج في المصنع على سبيل المثال، فهذه الطريقة غير مجدية، ويُفضَّل في مثل هذه الحالة أن تحلِّل البيانات المتوفرة وتناقشه بالنتائج المستخلصة منها؛ لكي تساعده على اتخاذ القرار المناسب.
2. بناء العلاقات والحفاظ عليها
تُعد العلاقات من العوامل الأساسية لتحقيق النجاح في مجال تقديم الاستشارات، وهذا يفرض على عاتق المستشار مهمة الإصغاء الفعال للعميل، وتفهُّم وجهات نظره واحتياجاته، وتقدير ظروفه، ويساعد التواصل الفعال على بناء الثقة مع العميل، وهو ما يشجعه على الإصغاء إلى اقتراحات المستشار وتقدير وجهات نظره وتطبيقها على أرض الواقع.
تتكون الثقة عادةً مع مرور الوقت، ولكن يتميز المستشار البارع بقدرة بارزة على بناء الثقة مع العميل بسرعة قياسية؛ وذلك عبر الإصغاء الفعال، والتعاطف، وإبداء الاهتمام الصادق بمشكلات العميل، وتفهُّم ظروفه، وتشكِّل هذه الثقة أساس الشراكات التعاونية الناجحة، وتوفر الظروف الملائمة للحصول على مشاريع مستقبلية.
3. ضمان سلاسة تنفيذ المشاريع
غالباً ما تتطلب المشاريع الاستشارية التنسيق مع مجموعة من الفِرَق المختلفة، وإدارة عدة مسارات عمل، والالتزام بخطط زمنية صارمة، ويضمن التواصل الواضح والمقتضب تضافر الجهود المبذولة، والاتفاق على النتائج النهائية، وتأدية المهام بفاعلية، وهو يؤدي دوراً بارزاً في تقليل حالات سوء الفهم، وتسوية النزاعات، وضمان سير المشروع وفق الخطة الموضوعة.
4. إقناع العملاء بالمقترحات
تعتمد فاعلية اقتراحات المستشار على مدى استعداد العميل لتطبيقها، فتقع على عاتق المستشار مسؤولية توضيح قيمة المقترحات وضرورة تنفيذها في أقرب وقت ممكن بغية تشجيع العملاء على اتخاذ التدابير اللازمة.
ينجح المستشار في إقناع العملاء بتطبيق الخطط العملية المُقترَحة عبر استخدام السرد القصصي، والمعدات والمؤثرات البصرية، ومشاركة التجارب والقصص الملهمة.
5. إثبات المصداقية والمرجعية
يجب أن يتواصل المستشار بثقة، ووضوح، ودقة لكي يثبت خبرته، وجدارته بالثقة، وأهليته لمساعدة العميل على التغلب على الصعوبات التي يواجهها.
صعوبات التواصل في مجال تقديم الاستشارات
تبرز بعض الصعوبات التي تعوق عمليات التواصل في مجال تقديم الاستشارات، ويمكن أن يتعرض أكثر المستشارين خبرةً وتمرُّساً في المجال لتحديات تمنعه من طرح أفكاره بفاعلية؛ لذا يجب إدراك هذه التحديات والتعامل معها بغية الحفاظ على العلاقات مع العملاء وضمان نجاح المشروع.
فيما يأتي 10 تحديات تواصل شائعة في مجال تقديم الاستشارات:
1. تعارض النتائج المتوقعة
تبرز هذه المشكلة عند تعارض توقعات العميل مع النتائج التي يقدمها المستشار، وهي تُعد من أكثر التحديات شيوعاً، وغالباً ما تنجم عن سوء التواصل والفهم في بداية العلاقة، وهذا يؤدي إلى عدم رضى العميل عن النتائج، وقد يحدث تعارض التوقعات ضمن إطار الفريق أيضاً وغالباً ما يُلاحَظ بين الموظفين والمديرين.
2. الحواجز اللغوية والثقافية
غالباً ما يعمل المستشار مع أشخاص من مختلف البلدان والخلفيات الثقافية، فتستضيف الشركات الاستشارية في مدينة "دبي" على سبيل المثال مستشارين من كافة الجنسيات، ويمكن أن تؤدي الاختلافات اللغوية والثقافية إلى سوء الفهم، وهذا يفرض على عاتق المستشارين مهمة مراعاة الفوارق الثقافية وإتقان أساليب التواصل البسيط والواضح.
3. مقاومة التغيير
غالباً ما يرفض العملاء التغييرات التي يقترحها المستشارون، ويمكن التغلب على هذه المقاومة عبر استخدام مهارات التواصل والإقناع، وبناء الثقة، وإبراز الفوائد العملية للاقتراحات.
4. إدارة المحادثات الصعبة
يمكن أن يضطر المستشار لإجراء محادثات صعبة مع العملاء مثل مناقشة مشكلات التقصير في الأداء أو اقتراح تسريح العمالة؛ لذا يجب إجراء هذه المحادثات بلباقة، وتعاطف، ووضوح من أجل الحفاظ على العلاقات وضمان قبول الاقتراحات.
5. ضخامة المعلومات
يتعامل المستشار مع كميات هائلة من البيانات والمعلومات، ويواجه صعوبة في مشاركتها بطريقة سهلة الاستيعاب دون أن يرهق العميل.
6. الالتزام بالتواصل المستمر
التواصل المستمر ضروري لتنظيم إجراءات العمل بين جميع الأطراف المشاركة بالمشروع، فيمكن أن يؤدي اختلاف المعلومات أو تعارض التوقعات إلى الارتباك وفقدان الثقة بين الأطراف المعنية.
7. تحقيق التوازن بين الشفافية والتحفظ
يجب أن يحقق المستشار التوازن بين الشفافية ومشاركة الاستنتاجات من جهة، والتحفظ عن المعلومات الحساسة من جهة أخرى.
8. القيود الزمنية
غالباً ما يكون الوقت المتوفر للتواصل في مجال الاستشارات محدوداً، وهذا يفرض على عاتق المستشار مسؤولية إتقان مهارات نقل المعلومات الهامة بسرعة وفاعلية، وغالباً ما تُختصَر الاجتماعات الطويلة إلى محادثات قصيرة، ويمكن أن يضطر المستشار إلى إعادة صياغة مقترحاته في آخر لحظة استجابةً للمعلومات والمعطيات الجديدة.
9. التعامل مع مستويات الهيكل التنظيمي ضمن المؤسسة
غالباً ما تتطلب التعاقدات الاستشارية العمل مع عدة مستويات من مؤسسة العميل، وهذا يفرض على عاتق المستشار مهمة تعديل أسلوب تواصله بحسب المستويات الإدارية التي يتعامل معها، مع الحرص على الحفاظ على اتساق المعلومة في كافة المستويات.
10. إثبات المصداقية
يواجه المستشار صعوبة في إثبات مصداقيته أمام العملاء بسبب الصورة النمطية السلبية عن العاملين في هذا القطاع، وتعتمد هذه المصداقية على الخبرات من جهة، والقدرة على إقناع العميل بالمقترحات من جهة أخرى.
يتطلب التغلب على هذه التحديات اجتماع عوامل المهارة، والخبرة، والقدرة على التأقلم، والتركيز على الوضوح وبناء الألفة، وضبط أسلوب التواصل بما يتوافق مع احتياجات العميل ووضعه.
في الختام
تعتمد مهنة تقديم الاستشارات بشكل أساسي على مهارات التواصل والإقناع، ولقد قدَّم الجزء الأول من المقال معلومات وافية عن فوائد مهارات التواصل والصعوبات التي يواجهها المستشار في أثناء تواصله مع العملاء، ويبحث الجزء الثاني والأخير منه في أنواع مهارات التواصل وخطوات تحسينها.
مساحة اعلانية
أحدث المقالات
ابق على اطلاع بآخر المستجدات
کن على اطلاع بآخر المقالات والمصادر والدورات القادمة