مهارات التواصل في مجال تقديم الاستشارات: أهميتها، وفوائدها، وصعوباتها، وأنواعها، وخطوات تنميتها -الجزء الثاني

تعتمد مهنة تقديم الاستشارات بشكل أساسي على مهارات التواصل والإقناع، ولقد قدَّم الجزء الأول من المقال معلومات وافية عن فوائد مهارات التواصل والصعوبات التي يواجهها المستشار في أثناء تواصله مع العملاء، ويبحث الجزء الثاني والأخير منه في أنواع مهارات التواصل وخطوات تحسينها، فتابعوا معنا السطور الآتية.

مهارات التواصل الأساسية في مجال تقديم الاستشارات

فيما يأتي 10 مهارات تواصل أساسية في مجال تقديم الاستشارات:

1. التواصل اللفظي

تعبر مهارات التواصل اللفظي عن القدرة على صياغة الأفكار بأسلوب بليغ ومفهوم بالنسبة إلى المتلقي، وهذا يتطلب من المستشار استخدام لغة وأسلوب خطاب يراعي اختلاف الجماهير ويضمن نقل المعلومة بطريقة يفهمها العميل، وتتطلب هذه المهارات استخدام مفردات، ونبرة، وسرعة، وأسلوب خطاب يساعد على نقل الأفكار بفاعلية.

2. التواصل الكتابي

يُستخدَم التواصل الكتابي على نطاق واسع في قطاع تقديم الاستشارات وهو يشمل رسائل البريد الإلكتروني، والتقارير، وخطط المشاريع على سبيل المثال، فيجب أن يتقن المستشار صياغة المستندات والوثائق بطريقة تساعد على نقل المعلومة المطلوبة بوضوح، وبأسلوب مقنع ومهني يضمن اتساق المعلومات التي تصل لأصحاب المصلحة.

3. التواصل غير اللفظي

تؤدي لغة الجسد، وتعابير الوجه، والإيماءات دوراً محورياً في التعبير عن العواطف والمواقف، وينبغي أن يكون المستشار بارعاً في ملاحظة هذه الإشارات التي تصدر عن العملاء والزملاء، ويجب أن ينتبه المستشار للغة جسده، ويستخدم إشارات وحركات تتوافق مع الكلام الذي يقوله.

4. التواصل المقنع

يعتمد جزء كبير من عمل المستشار على إقناع العملاء وأصحاب المصلحة، وهذا يفرض عليه مهمة تحضير حجج دامغة تثبت صحة مقترحاته، وتساعده على التعامل مع الاعتراضات المحتملة، وتبرز الفوائد المتوقعة لكي يقنع العملاء ويسرع إجراءات التنفيذ.

5. الإصغاء الفعال

يعبر الإصغاء الفعال عن القدرة على تأويل المعنى الذي يرمي إليه المتحدث وفهم المقصود منه، وتشمل تقنيات الإصغاء الفعال تركيز الانتباه على كلام العميل، وطرح الأسئلة الاستيضاحية، وإعادة صياغة الكلام المطروح للتحقق من صحة ودقة الفهم، وجمع ما يكفي من المعلومات اللازمة لتقديم مقترحات مفيدة.

6. التعاطف

تقع على عاتق المستشار مهمة فهم وتقدير وجهات نظر العميل وعواطفه لكي ينجح في بناء الثقة وتقوية العلاقة معه، ويساعد إبداء التعاطف على تعزيز مستوى التعاون وزيادة رضى العميل عن التجربة.

7. الوضوح والإيجاز

غالباً ما يكون الوقت المخصص للخدمات الاستشارية محدوداً، وهذا يفرض على عاتق المستشار مهمة الدخول في صلب الموضوع بسرعة، وضمان توضيح المقترحات والأفكار الرئيسة بفاعلية.

8. تبادل التغذية الراجعة

تعتمد التنمية الشخصية والمهنية بشكل كبير على تلقي وتقديم النقد البنَّاء، ويجب أن يتقبل المستشار التغذية الراجعة التي تقيِّم أسلوب تواصله ويستفيد منها في إجراء التعديلات اللازمة لتحسين فاعليته.

9. القدرة على التكيف

يعتمد اختيار أسلوب التواصل على الحالة والجمهور المستهدف، ويجب أن يكون المستشار قادراً على ضبط أسلوب تواصله بحسب الظروف؛ لكي يضمن نقل المعنى المراد إلى العميل.

10. التعلم والتطوير المستمر

يسعى المستشار الناجح لتحسين مهاراته باستمرار، وهو دائم البحث عن الفرص المتاحة للتعلم والممارسة، ناهيك عن استعداده لتقبُّل التغذية الراجعة والاستفادة منها في تحسين أسلوب تواصله. تسهم المهارات آنفة الذكر في تعزيز قدرة المستشار على التواصل مع العملاء، وصياغة الأفكار بأسلوب واضح، وتحقيق النتائج المرجوة.

تحسين مهارات التواصل في مجال تقديم الاستشارات

تحسين مهارات التواصل هو عملية مستمرة تعتمد على العزيمة والممارسة، ويجب أن تضع في حسبانك أنَّ هذه المهارات تتعلق بنمط الشخصية، وتتطلب كثيراً من الممارسة، والمجهود، والتركيز على التغذية الراجعة.

فيما يأتي 7 خطوات لتنمية مهارات التواصل:

1. تطبيق تقنيات الإصغاء الفعال

يقتضي الإصغاء الفعال التركيز على كلام المتحدث، وفهم المعنى الذي يقصده، والرد عليه، وحفظ المعلومات التي يذكرها؛ لذا يجب أن تحرص على فهم كافة احتياجات العميل والاستجابة بأسلوب مناسب، فيساعد الإصغاء الفعال على بناء الثقة والألفة؛ لأنَّه يبرز اهتمام المستشار بمشكلات العميل وتقديره لوضعه.

2. التدريب على التحدث أمام العامة

يحتاج المستشار إلى تنمية مهارات التحدث أمام العامة مع مرور الوقت عبر الممارسة المنتظمة والاستفادة من التغذية الراجعة في تحسين الأداء.

3. الكتابة المنتظمة

تساعد الكتابة المنتظمة على الحفاظ على القدرات الإبداعية، ويُنصَح بتنويع المحتوى والكتابة عن مختلف القطاعات والجماهير بهدف تنمية مهارات التفكير وإثراء وجهات النظر، فيساعد تنويع المحتوى على تحفيز وظائف وطرائق التفكير، ويُنصَح بالتسجيل في دورات وورشات الكتابة بغية تنمية مهارات التواصل الكتابي.

4. طلب التغذية الراجعة

يمكنك أن تطلب من الزملاء، أو المنتورز، أو الكوتشز تقديم تغذية راجعة تصف أسلوب تواصلك وتقيِّم فاعليته، فتعتمد التنمية المستمرة على مدى تقبُّلك للنقد البنَّاء واستعدادك لإجراء التعديلات اللازمة على أسلوبك في التواصل، وتجدر الإشارة إلى ضرورة العمل على تطوير مهارات التواصل طوال فترة المسيرة المهنية.

5. تطبيق تقنية تقمُّص الأدوار

تقتضي تمرينات تقمُّص الأدوار محاكاة تفاعلات العملاء ضمن بيئة آمنة تتيح إمكانية ممارسة مهارات التواصل وتلقي التغذية الراجعة، ويشيع استخدام هذه الطريقة في الجامعات خلال وقت التحضير للمقابلات، وثمة عدد من المواقع التي تقدم ميزة تطبيق تقنية تقمُّص الأدوار مع أشخاص آخرين بهدف التدريب على التواصل.

6. التعلم من البارعين في التواصل

تقتضي هذه التقنية التعلم من الأشخاص البارعين في التواصل من خلال مراقبتهم والانتباه للإشارات اللفظية وغير اللفظية، وطريقة إجراء المحادثات الصعبة، وآلية تغيير أسلوب التواصل بحسب الجمهور المستهدف.

يتميز رجل الأعمال الأمريكي "ستيف جوبز" (Steve Jobs) بمهارات تواصل بارزة وقدرة على طرح أفكاره وصياغتها بأسلوب يفهمه الجمهور المستهدف، مع الحفاظ على البساطة، والوضوح، والاقتضاب في الحديث.

7. التعلم المستمر

يمكن تنمية مهارات التواصل عبر الاطلاع على المصادر، والتسجيل في الدورات التدريبية، وحضور الورشات المتعلقة بهذا الموضوع، فتساعد هذه الطريقة على تحسين الإمكانات من جهة، وإبراز الالتزام بالتنمية المهنية من جهة أخرى، إضافة إلى تحقيق العديد من المكاسب المفيدة على كل من الأمد القصير والطويل.

لا تهدف تنمية مهارات التواصل إلى تحسين أسلوب الخطاب والكتابة فقط، بل إنَّها تسهم في تحسين جودة عمليات التفاعل مع العملاء وتضمن النجاح في تحقيق النتائج المرجوة، فينجح المستشار في تقوية علاقاته مع العملاء، وإدارة التحديات بفاعلية، وتحقيق التغييرات المرجوة عندما يستثمر وقته وجهده في تنمية مهارات التواصل.

تأثير التواصل الفعال في علاقات العملاء ونجاح المشروع

فيما يأتي 5 فوائد للتواصل الفعال في مجال تقديم الاستشارات:

1. بناء الثقة

يسهم التواصل الواضح والشفاف في بناء الثقة، وينجح المستشار في بناء الثقة وتقوية علاقته مع العملاء عندما يبدي اهتمامه بكلامهم، ويتفهم احتياجاتهم، ويقدِّر ظروفهم، ويُعلِمهم بالتطورات الجارية، ويحرص على تحقيق النتائج المتوقعة من التعاون، وهذه الثقة ضرورية وخاصة عند التعامل مع المشاريع الصعبة أو المعقدة.

2. زيادة مستوى التعاون

يضمن التواصل الفعال سلاسة التعاون بين فريق المستشارين والعملاء، واتفاق جميع الأطراف المعنية على الأهداف والنتائج المتوقعة، وتوضيح الأدوار والمسؤوليات المطلوبة من كل واحد منهم، والتعامل مع أي مشكلة تطرأ في أثناء العمل، وتؤدي هذه البيئة التعاونية إلى تقديم حلول مبتكرة تسهم في تحسين نتائج المشاريع.

3. ضمان الوضوح والفهم

تضمن القدرة على شرح الأفكار المعقدة بوضوح واقتضاب فهم العميل للاقتراحات والاستراتيجيات التي يطرحها المستشار، وهذا الوضوح ضروري لمساعدة العميل على اتخاذ قراراته بطريقة مدروسة والنجاح في تطبيق الحلول المقترحة.

4. إدارة النتائج المتوقعة

يؤدي التواصل الفعال دور محوري في إدارة توقعات العملاء، فينجح المستشار في تقليل حالات سوء الفهم وضمان رضى العملاء عندما يتفق معهم على نتائج قابلة للتحقيق ويرسل لهم تحديثات دورية عن التقدم في سير العمل ويُعلِمهم بالتحديات الطارئة.

5. ضمان نجاح المشاريع

تؤثر مهارات التواصل الفعال في نجاح المشروع بأكمله، لأنَّها تسهم في توضيح أهداف التعاون، وتضمن سلاسة تطبيق الحلول المقترحة، وزيادة احتمال تحقيق النتائج التي يتوقعها العملاء.

في الختام

لا تُعد القدرة على التواصل الفعال مجرد مهارة إضافية؛ بل إنَّها ضرورية لإرضاء العملاء، وتقوية العلاقة معهم، وضمان نجاح مشاريع تقديم الاستشارات. لا يمكن إهمال مهارات التواصل في مجال تقديم الاستشارات؛ لأنَّ هذه المهنة تتطلب طرح الأفكار واقتراح الاستراتيجيات المعقدة بأسلوب واضح ودقيق، وإنَّ القدرة على طرح الأفكار بأسلوب واضح وبليغ، والإصغاء الفعال، والتكيف مع مختلف أنماط التواصل يؤثر في جودة العلاقة مع العملاء ونجاح مشاريع تقديم الاستشارات.

لذا يجب أن يستثمر المستشار وقته وجهده في تنمية مهارات التواصل وإتقانها؛ بغية تحسين جودة التفاعل مع العملاء، وتقديم مقترحات تفيدهم، وتحقيق نتائج تستمر على الأمد الطويل.

يجب المواظبة على التعلم المستمر، واستثمار الفرص المتاحة لتنمية المهارات عبر الممارسة، والاستفادة من التغذية الراجعة، وملاحظة أداء المحترفين في التواصل، وتؤكد المعلومات الواردة في المقال أنَّ التواصل مهارة مركبة تتألف من عدة عناصر تتضمن التواصل اللفظي والكتابي، والتعاطف، والإقناع، وتتضمن فوائد مهارات التواصل تقوية العلاقة مع العملاء، وضمان سلاسة تنفيذ المشاريع، وتحسين سمعة المستشار.

إتقان مهارات التواصل هو أمر هام في قطاع تقديم الاستشارات الذي يعتمد على الإقناع، والتأثير، والوضوح، والألفة، وتضمن مهارات التواصل تحقيق النجاح، وإرضاء العملاء، وتحسين السمعة في سوق تقديم الاستشارات.