دليلك الشامل لبناء شركة استشارية ناجحة وتوسيعها

ربما أنت استشاري مستقل تطمح لتطوير عملك، ولم تعد ترغب في قضاء معظم وقتك في العمل الاستشاري؛ بل تريد إنشاء شركتك الاستشارية المخصصة، بالتالي يُنصَح في هذه الحالة بالتركيز على قيادة فريق، وتطوير الأعمال، وبناء أصل يمكنك بيعه.

يناقش هذا المقال النقاط الرئيسة التالية:

• تعريف نموذج شركة الاستشارات.
• كيفية هيكلة شركة استشارات.
• أفضل الممارسات للتوظيف وتنمية الشركة.
• كيفية الحصول على مساعدة خبراء لتنمية شركتك.

هناك عدد من الطرائق المختلفة لهيكلة شركة استشارية ناجحة، ولا توجد طريقة واحدة صحيحة للقيام بهذه المهمة.

تعريف نموذج شركة الاستشارات

يعني نموذج شركة الاستشارات أن تدير عملاً استشارياً مع فريق كامل بدلاً من تولي جميع مهام العملاء بنفسك كالاستشاري المستقل، ويتطلب هذا الانتقال من العمل المباشر على مشروعات العملاء إلى التفرغ للإدارة، ووضع الاستراتيجيات، وتطوير المشروع التجاري؛ إذ يتولى فريق الاستشاريين معظم الأعمال المتعلقة بالعملاء، مما يمكِّنك من التفرغ للإجراءات الإدارية.

مزايا نموذج الشركة

• يتيح إمكانية توسيع نطاق عمل الشركة؛ إذ يمكنك تعيين مزيد من الاستشاريين لتسلم مشروعات إضافية.
• يخلصك من عبء المهام اليومية مع العملاء.
• يمكن أن تسير أعمال الشركة دون حضورك.
• الشركات هي أصول ذات قيمة عالية وقابلة للبيع بسهولة.
• تسمح لك بإحداث تأثير أكبر ومساعدة مزيد من الناس.

عيوب نموذج الشركة

• يتطلب إدارة عدد كبير من الأشخاص.
• هامش ربح أقل.
• تحتاج الشركات إلى بنية تحتية أكبر للاستمرار في العمل.
• يعتمد مزيد من الأشخاص عليك (ويجب عليك دفع الرواتب).

يوجد عدة طرائق مختلفة لهيكلة شركة استشارات ناجحة، ولا توجد طريقة واحدة صحيحة للقيام بهذه المهمة.

يناقش القسم التالي الهيكل التنظيمي النموذجي لشركة الاستشارات.

تحليل هيكل منظمة شركة الاستشارات (مع أمثلة)

فيما يأتي الهيكل النموذجي لشركة استشارات كبيرة، وهو يختلف عن شركات الاستشارات الصغيرة التي تضم عدداً أقل من الأشخاص، تذكَّر دائماً بأنَّه لا توجد طريقة واحدة فقط لتأسيس المشروعات الاستشارية، وبوسعك اعتماد الإجراءات التي تصلح في قطاع الاستشارات وتناسب نمط الحياة الذي تريده.

1. الرئيس التنفيذي (CEO)

يتولى الرئيس التنفيذي أو مؤسس الشركة المهام التالية:

• تأمين مشروعات جديدة وضمان استمرارية عمل الشركة.
• المشاركة في وضع استراتيجية الشركة، ورؤيتها، والتعاون مع العملاء على إعداد استراتيجية عمل عالية المستوى.
• متابعة الأمور المالية وأداء الشركة عن كثب.
• بناء ودعم الفريق، فقد لا يشرف الرئيس التنفيذي على كافة تفاصيل التوظيف، ولكنَّه يتخذ القرار النهائي بشأن من سيُوظَّف ليتأكد من أنَّ الشخص المناسب في المكان المناسب.

2. الشركاء الكبار (القيادة)

يمتلك الشركاء الكبار حصة ملكية في الشركة، وعادةً ما تكون خبرتهم واسعة؛ لأنهم يعملون في المجال منذ مدة طويلة؛ إذ يساعد الشركاء الكبار الرئيس التنفيذي على اتخاذ القرارات القيادية المخصصة بالشركة.

يهتم الشركاء الكبار بالرؤية، والخطط المستقبلية، والاستراتيجية العامة للشركة، وعادةً ما تربطهم علاقات مهنية وطيدة مع الشركاء الرئيسين، مما يمكِّنهم من إبرام صفقات تجارية كبيرة والمساهمة في تطوير الأعمال التجارية بفضل علاقاتهم.

لا يؤدي هؤلاء الشركاء المهام اليومية التقليدية، ولا يعملون مباشرة مع العملاء؛ بل إنَّهم يتفرغون لحضور المؤتمؤات، والفعاليات، والنشاطات الترفيهية التي تمكِّنهم من بناء العلاقات وإبرام مزيد من الصفقات التي تضمن استمرارية عمل الشركة؛ إذ يقل انخراط الأشخاص في المهام اليومية كلما ارتفعوا في هرم القيادة ضمن الهيكل التنظيمي، ويكون التركيز في هذا المستوى على العلاقات، والشراكات، وريادة الفكر، والرؤية، والاستراتيجية.

3. الشركاء

يدعم الشركاء رؤية الشركة ويعملون في مشروعات العملاء ولكن بشكل غير مباشر؛ إذ إنَّهم يتولون مهام الإشراف، وإدارة العلاقات، وبعض العروض التقديمية، ومهمة تأمين المشروعات الجديدة، ويمكن أن يساهموا في جوانب أخرى من العمل بناءً على مجال خبرتهم وتخصصاتهم.

ينظم الشركاء فرقهم في الشركات الكبيرة وفقاً لقطاعات محددة، مثل التكنولوجيا، والبيئة، والتصنيع، وغيرها، ويمكن أن تختلف الأقسام الثلاثة التالية من الهيكل التنظيمي اختلافاً واسعاً، وقد تُدمج معاً أحياناً، أو قد تتضمن شركات أخرى المستويات الثلاثة مع هياكل مختلفة.

فيما يأتي مناقشة هذه الأدوار بالتفصيل:

الشركاء الصغار

يتولى الشركاء الصغار مهام العمل مع العملاء وتقديم الخدمات، ولا يتدخلون عادةً في عمليات تحليل البيانات وإجراء الأبحاث، فهُم نشطون في محادثات العملاء والعروض التقديمية، ويتلقون التوجيه والتدريب من الشركاء الكبار ويطمح معظمهم للترقي داخل المنظمة.

مديرو العمليات والمشروعات

تبدأ مهام مديري العمليات والمشروعات بمجرد مباشرة العمل مع العميل؛ إذ إنَّهم مسؤولون عن إدارة جميع جوانب تسليم المشروع والأشخاص المشاركين فيه.

يتولى مديرو العمليات مهام الإشراف على الجداول الزمنية، وضمان التزام جميع الموظفين بالخطة الموضوعة لتسليم المشروع للعميل في الموعد المُتفَق عليه؛ إذ يشغل هذا المنصب غالباً أشخاص لديهم خبرة في إدارة المشروعات، وهم يتواصلون مع العملاء، ولكنَّهم لا يتخذون قرارات هامة بمفردهم من دون الرجوع إلى الشركاء المعنيين بالمشروع؛ إذ يهتم مديرو العمليات بالعمليات الجارية ضمن الشركة، بينما يركز مديرو المشروعات على إجراءات العمل المخصصة بمشروع محدد.

المستشارون/المحللون (التسليم)

يتعمق المستشارون والمحللون في البيانات ويجرون الأبحاث، كما يجمعون الشرائح وكل المعلومات اللازمة لتحليل وضع العميل، ثم يقدمون النتائج للشركاء المعنيين بالمشروع، ويجرون مناقشات، ويقررون التوصيات للعميل.

ناقشنا حتى الآن الأدوار الرئيسة المتعلقة بعملاء المشروعات وتسليمها، ولكنَّ هناك جانب آخر كامل من الهيكل التنظيمي لم نتطرق إليه بعد، وسنناقش تالياً جميع الوظائف الأخرى في العمل والمجالات الرئيسة اللازمة لتشغيل عمل استشاري ناجح.

التسويق/المحتوى

يتولى المسوقون في الشركات الاستشارية مهام بناء الوعي بالعلامة التجارية وتعزيز ظهورها، ويُنشئون محتوى يرسخ وجود الشركة ويبرز خبرتها في السوق، كما يتولون مهام تنظيم المؤتمرات، واستضافة الندوات من خلال الإنترنت، ونشر الأبحاث والدراسات؛ إذ يساعد هؤلاء المسوقون على استقطاب العملاء المحتملين لفِرَق المبيعات وتطوير الأعمال.

المبيعات/تطوير الأعمال

يتولى العاملون في قسمَي المبيعات وتطوير الأعمال مسؤولية بيع مشروعات الاستشارات للعملاء الجدد والحاليين، ويتدخل الشركاء من جميع المستويات في مبيعات الشركة، وهو دور يقوده الشركاء الرئيسون في الشركة بسبب أهمية العلاقات في قطاع الاستشارات، ويستعين الشركاء، وخصيصاً الكبار منهم بفريق دعم يساعدهم على متابعة تطوير الأعمال.

الشؤون المالية والقانونية

يتولى الأشخاص العاملون في مالية الشركة مهام، مثل المحاسبة، ودفاتر الحسابات، والرواتب، بينما يتعامل الفريق القانوني (غالباً في مكتب محاماة خارجي) مع الأمور القانونية، مثل العقود والتفاوض على المشروعات الكبيرة.

الإدارة

يضم قسم الإدارة المساعدين التنفيذيين والافتراضيين الذين يتولون مهام الجدولة، والبريد الإلكتروني والمراسلات، وإكمال النماذج، وما إلى ذلك.

الهيكل التنظيمي في شركة استشارية صغيرة

ناقشنا الأدوار والهياكل التي نجدها غالباً في شركات الاستشارات الكبيرة، ولكنَّا في الشركات الصغيرة غالباً ما نجد:

• الرئيس التنفيذي/المؤسس.
• مدير العمليات.
• مدراء المشروعات.
• المستشارون/المحللون.
• التسويق/المحتوى.
• الإدارة.

تختلف المسميات وعدد الأدوار كلياً بناءً على حجم شركتك ونوع العمل الذي تقوم به، فالفرق الرئيس بين الشركات الاستشارية الصغيرة والكبيرة هو أنَّ الشركات الصغيرة تمتلك عدداً أقل من الأشخاص المبتدئين الذين يعملون ويتسلمون، وتحتوي الشركات الكبيرة عادةً على نسبة أعلى من المستشارين ذوي الخبرة وكبار المستشارين.

يمنح هذا الشركة الصغيرة ميزة تنافسية؛ إذ تستخدم الشركات الكبيرة الأسماء الهامة لتنال الأعمال، ولكن بمجرد تأمين العقد فإنَّهم يسلِّمون المشروع إلى مستشارين ومحللين أقل خبرة، أمَّا في الشركات الصغيرة، يكون المؤسس وفريقه الصغير من المستشارين الكبار ذوي الخبرة هم المعنيون مباشرة بالمشروع، ويعملون مع العملاء ويتولون التسليم.

يعتمد عدد الأفراد في الفريق الذي يجب تشكيله على نوع العمل الذي تود بناءه؛ إذ تتضمن الشركات الاستشارية الصغيرة عادةً:

• المؤسس.
• 1 مدير عمليات.
• 2-3 مستشارين كبار.
• 1-3 مستشارين مبتدئين.
• 1 مختص تسويق/محتوى.
• 1 موظف إداري.

يختلف عدد الموظفين وطبيعة المناصب من شركة لأخرى، ويكون الهيكل في الشركات الاستشارية الصغيرة كالتالي:

يتولى الرئيس التنفيذي غالباً معظم مهام المبيعات وتطوير الأعمال، وقد يوظَّف شخص أو فريق مختص في المبيعات وتطوير الأعمال، فيمكن التعاقد مع محامٍ ومحاسب خارجيين أيضاً.

سنناقش النمو والتوسع بعد مناقشة الهيكل التنظيمي النموذجي لكل من الشركات الاستشارية الكبيرة والصغيرة.

أفضل الممارسات للتوظيف وتوسيع الشركة

ربما تطبِّق نموذج الشركة على عملك الاستشاري، وربما توظِّف أفراداً جدداً كنت تشعر بالإرهاق، أو استُنزِفت طاقتك بالعمل على المهام الثانوية، سنذكر فيما يأتي أفضل الممارسات لتطوير الشركات الاستشارية:

1. تغيير طريقة التفكير

يجب أن يُنظر إلى بناء الفريق على أنَّه استثمار، وليس مجرد إنفاق، فأنت توظِّف حتى تفوِّض المهام، بالتالي تركز على العمل الأهم الذي تستمتع به والذي يأخذ شركتك إلى المستوى التالي.

2. توضيح الرسالة والقِيَم

يجب كتابة رسالة الشركة وقيمها وإدراجها في إعلانات التوظيف، بالتالي ستعثر على الأشخاص المناسبين وتحتفظ بهم.

3. تدقيق الوقت

تتبَّعْ وقتك خلال يوم العمل العادي لمدة أسبوع، وصنِّفْ ما تحب فعله، وما لا تحب، وفكِّرْ فيما يمكنك تفويضه لتحقيق قيمة أعلى لعملك، فسيُظهِر لك هذا ما يجب عليك تفويضه، وسيوفر لك فكرة عن نوع الوظيفة التي يجب أن تعلن عنها أولاً.

4. مراعاة الاحتياجات

فكِّرْ إن كنت تريد موظفاً أم متعاقداً، وإن كنت تحتاج موظف بدوام جزئي أو بدوام كامل، فلا يوجد خيار واحد صحيح، وأنت حر في اختيار ما يمكنك تحمُّله وما يتناسب مع وقتك، بالتالي يمكنك تخصيص كل دور ليناسب احتياجات شركتك وميزانيتك.

5. الشخص المناسب في المكان المناسب

يجب أن تكون أولى تعييناتك إدارية أو مالية أو تشغيلية؛ أي أشخاص يمكنهم التعامل مع هذه المهام الهامة والمستهلكة للوقت، وستحقق عوائد مجزية من تعيين موظف مسؤول عن مهام الجدولة وإدارة الحسابات.

6. كتابة إعلان وظيفة جيد

يتعلق إعلان الوظيفة الجيد بالشخص ومدى توافقه مع الشركة الاستشارية؛ لذا عرِّفْ عن الشركة أولاً: ما طبيعة الخدمات والقيم، ولماذا قد يرغب شخص ما في العمل معك، ثم صِفْ المرشَّح المطلوب: من تريد أن يعمل معك، كيف يتناسب مع ثقافتك، ومن يليق به هذا المنصب، ثم صِفْ الشاغر: المسؤوليات، والخصائص، والمهارات المطلوبة.

7. الفحص بعناية

ركِّزْ إن كان المتقدمون قد اتبعوا تعليماتك أو تواصلوا جيداً، واستخدِمْ عوامل الحسم لتسهيل اتخاذ القرارات، وركِّزْ أكثر على الشخص، ومدى توافقه مع القيم، وتأكَّدْ من عدم وجود أية علامات تحذيرية؛ إذ يمكنك دائماً تعليم الموظف المهارات التي يحتاجها، ولكن لا يمكنك تغيير الشخصيات لتصبح مناسبة لعملك، ورسالتك، وقيمك.

تذكَّرْ هذه الممارسات جيداً في بناء عملك الاستشاري وتوسيعه بما يتجاوز النموذج المستقل، وفيما يأتي مثالَين يوضحان فوائد التوظيف:

بدأ المستشار الصناعي "دان بورغوس" (Dan Burgos) عمله الاستشاري من خلال تولي كافة المهام بمفرده، وعيَّن الآن مستشارين خارجيين لمساعدته، بالتالي ركَّز على ما يحب القيام به، وهو بناء العلامة التجارية والأعمال.

ينطبق الأمر نفسه على المستشارة في علوم الحياة "ميشيل بينتون" (Michele Benton)، والتي كانت تعرف دوماً أنَّ طموحها هو بناء شركة استشارية، ولديها اليوم شخص لمساعدتها على التسويق والإدارة وتسليم المشروعات كي تركِّز على العمل.

في الختام

يمكن لأي استشاري مستقل النجاح في تأسيس وإدارة شركة استشارية ناجحة من خلال التركيز على هيكلة الفريق، وتبنِّي نموذج العمل الأنسب، واتباع أفضل الممارسات للتوظيف وتنمية الأعمال؛ إذ تحقِّق هيكلة الشركة جيداً تأثيراً كبيراً، وتحسِّن الكفاءة والاستمرارية في سوق دائم التغير.

تذكَّرْ دائماً أنَّ بناء فريق قوي ومتفاني هو استثمار يعود بفائدة كبيرة، وأنَّ الشفافية في الرسالة والقيم هي حجر الأساس لجذب المواهب والاحتفاظ بها، وبالاستفادة من هذه المبادئ والنصائح، تحقِّق نجاحاً طويل الأمد وشركة استشارية قوية تحقق أهدافك وتطلعاتك.