دليل شامل للاستشاريين حول إنشاء شبكة العلاقات المهنية (الجزء الأول)

يعدّ إنشاء شبكة العلاقات المهنية هاماً في مجال الاستشارات الإدارية؛ إذ يجب أن يعرف الاستشاريون كيفية استقطاب العملاء، وبناء العلاقات معهم والحفاظ عليها، والترويج لأنفسهم ولشركاتهم.

كما يؤكِّد الاستشاريون تزايد أهمية المهارات الناعمة، وذلك مع ظهور الذكاء الاصطناعي وتوقُّع أتمتة جزء كبير من الجانب التحليلي للعمل.

ليس ثمَّة طريقة أفضل من بناء شبكة العلاقات المهنية في استعراض المهارات والخبرات، وهذا يتطلب الاعتماد على المهارات الأساسية للمستشار، مثل القدرة على إجراء البحث بسرعة وفعالية، والتعريف عن النفس بدقة وإيجاز، وبناء علاقات طويلة الأمد.

أهمية إنشاء العلاقات المهنية في الحصول على مقابلة عمل

مسؤولو التوظيف دائمو الانشغال، والمنافسة محتدمة في قطَّاع تقديم الاستشارات، ممَّا يفرض على عاتق المرشَّحين مهمَّة إضافة ميِّزة تبرز طلب التوظيف، والحصول على إحالات أو تزكيات من استشاريين يعملون في الشركات المستهدَفة؛ لكي يلفتوا انتباه مسؤولي التوظيف، ويتميَّزوا عن بقيَّة المرشحين.

يُقدِّم مسؤول التوظيف المرشح إلى المرحلة التالية من عملية التوظيف عندما يتلقَّى تزكية أو توصية من مصدر موثوق.

تجدر الإشارة إلى أنَّ احتمال قبول المرشحين الذين لديهم سِيَر ذاتية جيِّدة وتزكيات من استشاريين يعملون في الشركة أكبر من احتمال قبول المرشحين الذين لديهم سِيَر ذاتية مميَّزة، ولكن ليس لهم معارف في الشركة.

يتطلب إنشاء الشبكات المهنية وقتاً بالطبع؛ لذا يجب البدء بذلك قبل التقدُّم إلى الوظيفة بستة أشهر على الأقل كي تستطيع طلب التزكيات عندما يحين الوقت المناسب، ولكن يجب أن يكون الهدف تكوين علاقات صادقة وطويلة الأمد، بعيداً عن استغلال الناس للحصول على التزكيات فقط؛ إذ يجب أن تتواصل مع الآخرين حبَّاً بمجال الاستشارة، ورغبة منك بالتعرف إلى الأشخاص العاملين فيه، والاستعلام عن تجاربهم، ومشروعاتهم، ونجاحاتهم، وأزماتهم. يؤدي إنشاء هذه العلاقات إلى فهم مجال الاستشارة من جهة، وتقوية الروابط مع الأشخاص العاملين فيه من جهة أخرى.

تنجح طريقة بناء العلاقات المهنية حين تتم خارج إطار الفعاليات التي يحضرها عدد كبير من الاستشاريين بسبب احتدام المنافسة وصعوبة التميُّز عنهم، بالمقابل يلفت النشر المنتظم والاحترافي على منصة "لينكد إن" (LinkedIn) الانتباه، ويفتح المجال لإجراء النقاشات وترتيب الاجتماعات والحصول على فرص ومقابلات عمل، فقد يكتشف الفرد من خلال علاقاته أنَّ العمل في الشركات الكبرى لا يناسبه، ويفضِّل الشركات الصغيرة، فالهدف هنا هو اتخاذ القرار المناسب.

إذا استفادَ المرشحون ذو الخبرة من علاقاتهم المهنية، فقد لا يخضعون لبعض المتطلبات التي يجب أن يجتازها المرشحون الآخرون، مثل الاطِّلاع على السيرة الذاتية وإجراء الاختبارات.

يجب أن يُثبِت المرشحون أنَّهم مناسبون للشركات التي تقدَّموا للعمل فيها، وأنَّ اهتماماتهم تتوافق مع أهداف الشركة والعقلية السائدة فيها. ويجب أن يُبرز المرشح من جهة أخرى أنَّه يتَّفق مع الاستشاريين العاملين في الشركة على الدوافع نفسها في الحياة؛ لذا يجب التقدُّم إلى الشركات التي يرغبون بالعمل فيها حقاً. بهذه الطريقة حين يتواصلون مع موظفين في تلك الشركات، سيعبِّر شغفهم عنهم ويرى الموظفون مدى حماستهم.

لكن يجب ألَّا يُفرِط المرشحون في إظهار الحماس تجاه شركة معيَّنة؛ لأنَّهم إذا أعربوا عن شغفهم بالجوانب التي لا تعجبهم من العمل منذ البداية، فسيشعرون بالضغط عندما يزيد عبء العمل، وربَّما يصابون بالاحتراق الوظيفي.

أهمية إنشاء العلاقات المهنية في الحصول على مقابلة عمل

الأطراف التي يجب التواصل معها للحصول على التزكيات

من الهام أن يكون المرشحون على معرفة جيِّدة بالأشخاص الذين سيمنحونهم التزكيات؛ كي يقدِّموا لهم توصيات مخصَّصة تُبرز مهاراتهم؛ لذا يجب أن يُتواصَل مع الاستشاريين المقرَّبين، مثل الأصدقاء أو أفراد العائلة بغضِّ النظر عن الشركة التي يعملون فيها؛ لأنَّهم حتماً يعرفون استشاريين آخرين، ثمَّ الانتقال إلى الزملاء السابقين الذين يعملون في مجال الاستشارة.

يعزز بناء العلاقات القوية مع موظفين تعرفهم فرصك في الحصول على تزكيات متميِّزة ودعم في الشركة. وكلما زادت معرفتهم بك وبقدراتك، كانت التوصيات أكثر قيمة وتأثيراً. من الأفضل أن تكون هذه التوصيات من موظفين يشغلون مناصب عليا، إلَّا أنَّ توصيات شخصَين يعرفانك جيِّداً، قد تكون أكثر فعالية من توصية مقتضبة من شخص رفيع المستوى.

يُنصح بالبقاء على تواصل مع جميع الأشخاص في شبكتك المهنية حتى لو لم يتمكَّنوا من مساعدتك في هذه المرحلة، لأنَّهم قد يكونون قادرين على ذلك في المستقبل.

على الرغم من أنَّ الاستشاريين قد يتقاضَون عمولة مقابل تقديم التزكيات للمرشحين، إلَّا أنَّه لا يجب أن تبقى العلاقة تجارية بينهما، بالطبع المرشح هو من يقدِّر طبيعة العلاقة، فإذا كان الاستشاري صديقاً له، فيمكنه ببساطة طلب التزكية منه مباشرة، أمَّا إذا كان لا يعرف الشخص جيِّداً، أو لم يتحدث معه منذ مدة، فليبدأ الحديث عن موضوع عادي، مثل تهنئته على نجاح حقَّقه مثلاً، أو الاطمئنان على حاله.

يتطلَّب بناء شبكة العلاقات المهنية تكوين علاقات صادقة مع الناس، وإظهار الاهتمام بهم عبر الإصغاء إليهم، والتحدث عن موضوعات متنوعة حول الاهتمامات الشخصية والحياة العملية والمسار الوظيفي، ولكن يجب تجنُّب التحدث عن موضوعات شخصية للغاية مع أشخاص لا تعرفهم جيداً.

آخر مَن يمكن أن تطلب منهم التزكيات هم الاستشاريون الذين لا تعرفهم، وسنتطرَّق فيما بعد إلى كيفية التحدث إليهم.

بناء شبكة العلاقات المهنية شخصياً

يُعدُّ التواصل الشخصي مع الناس أفضل خيار لإنشاء العلاقات المهنية؛ إذ من المفيد رؤية ردة فعل الشخص لما تقوله، ومراقبة لغة جسده، كما يسهل التأثير فيه إذا كان يقف أمامك؛ لذا يجب الاستفادة من فرص التواصل الشخصي في الفعاليات الاجتماعية، لا سيَّما وأنَّ الاجتماعات الشخصية تطول أكثر من تلك التي تجري عبر الهاتف أو الإنترنت، نظراً لانشغال الاستشاريين، ممَّا يعزِّز فرص التعلم وتحسين العلاقات.

قد تتوتر بلا شك في هذه الفعاليات في محاولة التحدث وإبراز نفسك، والحل هو الإصغاء وطرح الأسئلة المناسبة، لا بأس بالترويج لنفسك، ولكن ضَعْ نفسك مكان الاستشاريين، فهُمْ يقضون وقتاً طويلاً في الإصغاء إلى الناس يتحدثون عن أنفسهم، ولهذا سيطرحون أسئلة حول تجربتهم الشخصية والمشكلات التي يواجهونها في مجال الاستشارة.

يجب أن تستهلَّ الحديث مع الاستشاريين بموضوعات عادية، بعيداً عن أمور العمل، مثل الاهتمامات المشتركة لتقوِّي علاقاتك معهم.

في الختام

تحدَّثنا في الجزء الأول من مقالتنا هذه عن أهمية إنشاء شبكة العلاقات المهنية في الحصول على مقابلة عمل، والأطراف التي يجب التواصل معها للحصول على التزكيات، وأهمية التواصل وجهاً لوجه مع الاستشاريين، وسنُكمل الحديث في الجزء الثاني والأخير منها عن كيفية التواصل مع الاستشاريين الغرباء، وإنشاء العلاقات المهنية عبر الإنترنت.

أحدث المقالات

ابق على اطلاع بآخر المستجدات

کن على اطلاع بآخر المقالات والمصادر والدورات القادمة