دور الاستشاريين في التعامل مع انعدام اليقين

نحن اليوم نتخبَّط في حالة من انعدام اليقين أكثر من أي وقت مضى، ونعيش في خوف ونخشى أن ينقلب كل ما حولنا بلحظة. يصيبنا هذا الشعور بالشلل، وتتعطل حياتنا في محاولة معرفة ما حدث، وما يحدث الآن، وما قد يحدث، وهذا أسوأ تصرف قد تتصرفه الشركات في أوقات كهذه؛ إذ عليها الاستمرار في المضي قدماً بأسرع ما يمكن.

إنَّ مساعدة الشركات في البقاء على المسار الصحيح هو مجال عمل الاستشاريين، وحتى لو كانت الأمور المالية في الشركة متدهورة، والمستقبل غامض، إلا أنَّ الاستفادة من المهارات الاستشارية ومنصات العمل الحر أمر بالغ الأهمية لتجاوز الأوقات المضطربة.

انتشار كوفيد-19 (Covid-19) وصدمة عدم اليقين

ما جعل هذه الجائحة مختلفة عن أي حدث آخر هو أنَّها خلقت حالة من عدم اليقين في كل جوانب حياتنا، ولعلَّ أكثر سؤال شغل بال الحكومات والناس على حد سواء كان: هل الحفاظ على حياة الناس أولى أم الحفاظ على سبل العيش؟ وقد تخبطت الحكومات في قراراتها، واختارت في النهاية فرض عمليات إغلاق بدرجات متفاوتة، وتقيدت حريات الناس، الأمر الذي زاد الشعور بالعجز وعدم اليقين.

يخبرنا الخبراء الاقتصاديون أنَّ ازدياد حالة عدم اليقين يؤدي بالضرورة إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، ويعود النمو الاقتصادي مع انخفاض هذه الحالة، وينطبق المبدأ ذاته على جميع الأعمال.

ولكن، ما يثير الاهتمام هو أنَّ الاقتصاد لم يتحسن بالتوازي مع إلغاء عمليات الإغلاق، بل تأثر في السلوك المتغير للأفراد والأُسَر والشركات الذين أصبحوا يتصرفون بحذر، بغض النظر عما إذا كانت عمليات الإغلاق مفروضة أم لا، وهذا ما أشار إليه الأكاديميون في كلية كيلوج للإدارة (Kellogg School of Management) حين قالوا إنَّ "صدمة عدم اليقين" الناجمة عن جائحة كوفيد-19 سببت نحو نصف الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي في أمريكا عام 2020.

دعونا نستعرض اثنين من النتائج غير الطبيعية لأزمة كوفيد-19 للنظر في كيفية استجابة الشركات لها، وما إذا كانت المهارات الاستشارية قد تساعد في حلها:

  • انتشار الرقمنة.
  • حذر المستهلكين.

انتشار الرقمنة

شهدت المؤسسات قفزة كبيرة في مجال التكنولوجيا خلال الأشهر التي تلت انتشار الجائحة؛ حيث نقلت الشركات في جميع أنحاء العالم عمل موظفيها إلى المنزل، واعتمدت على أدوات التعاون الرقمية للبقاء على تواصل معهم والإشراف على عملهم، وتفكر العديد من الشركات في الاستمرار بأسلوب العمل هذا حتى بعد انتهاء الجائحة.

علاوةً على ذلك، أصبحت البيانات أساسية في اتخاذ القرارات في الشركات، والتي تتيح لها التصرف بسرعة وبقدر أكبر من اليقين، وقد استفادت الشركات التي طبقت التحول الرقمي كثيراً. على سبيل المثال: قررت جميع البنوك تأجيل دفعات القروض وبطاقات الائتمان عقب انتشار الجائحة، في الوقت الذي تمكنت فيه "ماركوس" (Marcus)، وهي النسخة الرقمية من مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية الأمريكية "جولدمان ساكس" (Goldman Sachs)، من طرح برنامجها بالكامل للعملاء في أقل من 72 ساعة. مثال آخر هو السرعة الكبيرة التي عمل بها الباحثون على تطوير لقاحات ضد فيروس كورونا بفضل الذكاء الاصطناعي.

ربما تبدو الثورة الصناعية الرابعة القائمة على الأتمتة والذكاء الاصطناعي والأنظمة المستقلة حتى الآن مجرد نظرية للمستقبل. كانت العديد من الشركات تفكر في إجراء تغييرات على مجموعة من عملياتها، وتخطط لتطبيقها على مدار بضع سنوات. ولكن، لم يسعفها الوقت ولا الموارد بعد انتشار كوفيد-19. ربما تكون الرقمنة، التي تشمل رقمنة البيانات واستخدام التقنيات الرقمية، هي الطريقة الوحيدة لمواجهة الاضطرابات بسرعة ومشاركة المعلومات، وحتى الحفاظ على استمرارية الأعمال.

يبقى السؤال الآن: هل لدى الشركات قاعدة المهارات اللازمة لتحقيق ذلك بالسرعة والنطاق المطلوبين، أم أنَّها بحاجة إلى مهارات الاستشاريين؟

التحدي المتمثل في حذر المستهلكين

شملت بعض توجهات المستهلكين بعد بقاء الناس في منازلهم ما يلي:

  • الاعتماد السريع للخدمات الرقمية الجديدة في جوانب العمل واللعب والترفيه والتعلم والاتصالات والتسوق.
  • انخفاض الاستهلاك، مع تغيرات كبيرة في نوع المنتجات التي يشتريها المستهلكون؛ حيث ابتعدوا عن السلع الكمالية، وتوجهوا إلى الضروريات المنزلية والصحية.
  • تغير طريقة وصول الناس إلى المعلومات.

استفادت العديد من شركات التكنولوجيا من هذه التغيرات. على سبيل المثال: ازداد عدد مستخدمي منصة "زووم" (Zoom) من 10 ملايين إلى 200 مليون مستخدم يومياً خلال ثلاثة أشهر، وازداد عدد المشتركين على منصة "نتفليكس" (Netflix) حوالي 16 مليون مشترك، وتضاعفت قاعدة المشتركين على منصة "ديزني+" (Disney+) خلال 5 أشهر، كما وأصبح البث المباشر للأحداث الرياضية والحفلات الموسيقية والمؤتمرات وحتى جولات المتاحف شائعاً للغاية، وفي الوقت الذي تدهور فيه مجال الصحافة الورقية، ازدهرت الخدمات الإخبارية عبر الإنترنت والبودكاست والإذاعة.

علاوةً على ذلك، غيرت المتاجر أماكن عملها، وركزت على تقديم الخدمات عبر الإنترنت أو تسليم البضائع في أماكن محددة، واستفادت المطاعم من سلاسل التوريد وأصبحوا تجّار تجزئة، واستخدم صُنَّاع العطور الفاخرة الزجاجات لصنع مطهرات الأيدي، وأنتج مصنِّعو السيارات أجهزة التنفس الصناعي، وقدم الأطباء والصيدليات ومستشارو الأعمال المشورة عبر الإنترنت.

وإذا استمرت التوجّهات هذه في سلوك المستهلكين، فربما ينبغي للشركات التفكير في حلول طويلة الأمد، ومراجعة نماذج أعمالها بأكملها.

كيف تتعامل الشركات مع حذَر المستهلكين وصدمة انعدام اليقين؟

إلى جانب التحول الرقمي والتغيرات في سلوك المستهلكين، تواجه معظم الشركات أيضاً صعوبات متعلقة بالإنتاجية وموثوقية سلاسل التوريد والمخاطر والتواصل والتفاعل مع الموظفين والعملاء، وغيرها من الأمور.

ربما يتعين عليها دراسة الخيارات والبدائل ومناقشتها ووضع استراتيجية، فقد يكون جزء من الحل هو تعيين شخص من خارج الشركات للمساعدة؛ إذ يبدو أنَّ الخبرة في الإستراتيجية وسلسلة التوريد والتسويق والرقمنة والتجارة الإلكترونية والموارد البشرية وإدارة التغيير هي متطلبات أساسية، وهناك العديد من الاستشاريين المستقلين الذين لديهم خبرة متخصصة في هذه المجالات وفي التعامل مع انعدام اليقين والتغيير والابتكار. وعليه، من الحكمة النظر في منصات الاستشارات المستقلة للعثور على الخبرة التي تحتاجها الشركة.

حذرالمستهلكين وصدمة عد اليقين

الخدمات التي تقدمها أفضل منصات الاستشارات المستقلة

قد يكون العثور على الاستشاري المناسب لاحتياجات الشركة أمراً صعباً، ولكن لحسن الحظ أصبحت الاستشارات الآن رقمية، وتقدم خدمات سريعة وأسعارها مناسبة بالمقارنة مع الاستشارات في الماضي؛ حيث تقدم منصات الاستشارة الجيدة عبر الإنترنت إمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من الاستشاريين الموهوبين، الأمر الذي يسهِّل العثور على الاستشاري المناسب لاحتياجات الشركة.

أمّا أفضل منصات العمل الحر، فتتفحص أولاً كلاً من الاستشاريين والعملاء، مما يوفر الأمن لكلا الطرفين؛ حيث يضمن العملاء بذلك أنَّ الاستشاريين المستقلين الموصى بهم يمتلكون المهارات والخبرة المطلوبة، بينما لا يضطر الاستشاريون للبحث عن عملاء جدد، ويتأكدون من مصداقية المشاريع، ويستطيعون اللجوء إلى المنصة في حالة حدوث مشكلات مع العملاء. بالإضافة إلى ذلك، تتعامل منصة الاستشارات مع عبء العمل الإداري، مما يتيح للاستشاريين التركيز على عملهم.

في الختام

حتى في أفضل الأوقات، هناك درجة من عدم اليقين في تطوير الاستراتيجيات، وغالباً ما تستعين الشركات بالاستشاريين للحصول على رأي الخبراء. أما في زمن الاضطرابات، يستطيع الاستشاريون ذوي الخبرة، والذين يمكن الوصول إليهم بسهولة عبر أفضل منصات العمل الحر، تقديم المشورة والخبرة اللازمة لتحقيق الاستقرار في الأعمال.

وبغضّ النظر عن حالة عدم اليقين التي تحيط بنا، فإنَّنا لسنا عاجزين إذا واصلنا عملنا وتركيزنا نحو المستقبل.

أحدث المقالات

ابق على اطلاع بآخر المستجدات

کن على اطلاع بآخر المقالات والمصادر والدورات القادمة