الدليل الكامل للعمل في مجال تقديم الخدمات الاستشارية

يُقال في مجال الأعمال إنَّ الخدمة التي تستغرق لتقديمها 30 دقيقة، قد سبقها سنوات من العمل الدؤوب والمعرفة.

عندما نفكِّر في الأشخاص الذين يقدِّمون الخدمات الاستشارية نتخيَّل أناساً لديهم جدول أعمال مكتظ، وعملاء مرموقين، ودخل عالٍ جداً، لكن لا نتساءل عن السبب الذي يدفع الشركات لدفع كثير من الأموال لقاء هذه الخدمات الاستشارية أو لقاء إنجاز مهام بسيطة كان من المُمكن إنجازها في وقت قصير.

فالسبب هو السنوات التي كرَّسها الاستشاريون لامتلاك الخبرة الكافية كل في مجاله، ثمَّ تقديمهم خلاصة خبرتهم للشركات وروَّاد الأعمال؛ لذلك إذا كنت شغوفاً بمساعدة الآخرين على تحقيق النجاح من خلال تقديم خبرتك في مجال معيَّن بعد سنوات من التعلُّم والخبرة وتنمية المهارات، فقد تكون مهنة الاستشاريِّ مناسبة لك.

ستجد في هذا المقال 6 نصائح للبدء بعملك بوصفك استشارياً والتسويق لخدماتك، لكن في البداية سنبدأ بتعريف الخدمات الاستشارية.

ما هو العمل الاستشاري؟

هو عملية تقديم النصيحة المستندة إلى الخبرة والرأي بالإضافة إلى اقتراح الاستراتيجيات عند الطلب، وكل ذلك مقابل الأجر الذي يحدِّده الاستشاري، والاستشاريون سواءً الأفراد المستقلون، أم الذين يعملون في شركات للخدمات الاستشارية، يكونون مختصِّين في مجال معيَّن من المجالات.

ففي هذا التعريف، سنركِّز على الخبرة؛ أي إنَّ الاستشاريَّ يجب أن يكون خبيراً في المجال الذي يقدِّم فيه خدماته؛ إذ يمتلك الاستشاريون معرفة قيِّمة جداً لدرجة أنَّ فرداً أو قسماً في شركة أو حتى شركة بأكملها على استعداد لدفع المال مقابل الحصول على خدماتهم.

ومع ذلك، فإنَّ العمل الاستشاري لا يعني تقديم النصحية فحسب؛ إذ يمكن أن تتضمَّن الخدمات الاستشارية مجموعة واسعة من الأعمال، بدءاً من تشخيص المشكلة، وانتقالاً لجمع البيانات والتغذية الراجعة، وانتهاءً بصياغة الاستراتيجية، وأخيراً التنفيذ.

فالطلب على الاستشاريين والشركات الاستشارية مرتفع جداً؛ لأنَّهم يقدِّمون حلولاً مبتكرة وجديدة للمشكلات المُلحة التي تواجه الشركات وأصحاب الأعمال.

فيحتاج أحياناً قادة وأصحاب الشركات إلى رؤية جديدة في أسلوب معالجة المشكلة، وبصفتك استشارياً يمكنك تقديم وجهة نظرك الموضوعية؛ إذ يسعى الاستشاريون إلى نجاح شركات عملائهم، وهذا قد يتطلَّب كثيراً من العمل، وهذا ما يجعل الأعمال الاستشارية تحقِّق لأصحابها أرباحاً مجزية.

الفرق بين الاستشاري والموظف العامل بعقد مؤقت:

ربما قد سمعت مصطلحات الاستشاري والموظف العامل بعقد مؤقت والموظف المستقل دون التفريق بين وظيفة كل منهم، فإذا كنت تفكِّر في البدء بالعمل بوصفك استشارياً فيجب أن تعرف الفرق بين هذه الأنواع الثلاثة من الموظفين.

تشترك هذه الأنواع الثلاثة من الخدمات في أنَّها مطلوبة من قبل الشركات، فالموظفون العاملون بعقود مؤقتة بمن فيهم الأشخاص الذين يعملون بصفة مستقلة هم عمَّال يتعاقدون مع الشركات لتقديم خدمات في كافة المجالات.

إذ يقدِّم الاستشاريون تقييماً واستشارة تستند إلى الخبرة بصورة أساسية، ويمكن أن يعملوا لحسابهم الخاص أو يعملوا في شركة تقدِّم الخدمات الاستشارية، ومع ذلك إذا طُلب منك بوصفك استشارياً تقديم خدمة فمن الممكن أن تُعيَّن بعقدٍ مؤقت.

فلنفترض أنَّهم تعاقدوا معك لتقييم أداء فريق المبيعات، وعند التقييم المبدئي، فإنَّك تقترح استراتيجية مبيعات جديدة وخطة تدريب، لكن إذا طُلب منك لاحقاً إعداد وتنفيذ هذه الاستراتيجية والخطة الموضوعة ستُعدُّ عندها موظفاً عاملاً بعقدٍ مؤقت بالإضافة إلى كونك استشارياً.

فيقدِّم الاستشاريون خدماتهم عملياً في جميع المجالات؛ لذلك سنناقش الأنواع المُختلفة من الخدمات الاستشارية لتحدِّد أيَّاً منها سيكون مجال اختصاصك:

  1. الاستشارات الإدارية.
  2. الاستشارات الاستراتيجية.
  3. الاستشارات الإجرائية.
  4. استشارات الاستراتيجيات المالية.
  5. استشارات الموارد البشرية.
  6. استشارات تكنولوجيا المعلومات.
  7. استشارات الأعمال التجارية.
  8. استشارات المبيعات.
  9. استشارات التسويق.
  10. الاستشارات البيئية.
  11. الاستشارات المالية.
  12. الاستشارات المهنية.
  13. استشارات الرعاية الصحية.
  14. استشارات ثقافة الشركات (التنوع والمساواة والإدماج).
  15. استشارات العلاقات العامة.
  16. استشارات العلامة التجارية.

تتنوَّع الخدمات الاستشارية لتشمل كل مجال من مجالات الأعمال تقريباً، لكنَّنا سنناقش فيما يأتي أكثر أنواع الاستشارات المطلوبة، وما هي الخبرات ذات الصلة التي تندرج في إطارها، وكيف يُنجز العمل في كل نوع من هذه الأنواع:

1. الاستشارات الإدارية:

الاستشارات الإدارية هي أكثر أنواع الخدمات الاستشارية شيوعاً، وتتضمَّن عديداً من الخدمات الاستشارية التي تتنوَّع بتنوع مجالات الأعمال.

تعمل شركات مثل "ماكينزي" (McKinsey)، و"ديلويت" (Deloitte)، عملاً أساسياً في مجال الاستشارات الإدارية، وتبلغ إيراداتها نحو 250 مليار دولار سنوياً.

فإذا اخترت أن تصبح استشارياً إدارياً، فستقدِّم خدماتك لقادة الأعمال لمساعدة شركاتهم على تحقيق أهدافها بسلاسة، ومن بين الأعمال التي يقوم بها الاستشاري الإداري هي إجراء تقييم لعمليات معينة، وتقديم المشورة عن كيفية تحسينها أو تنفيذ عمليات جديدة.

فلا يعمل جميع الاستشاريين الإداريين بنفس الطريقة، فبعضهم يتبع نهجاً عاماً يستخدمه في تقييم الشركة بأكملها، ويتخصَّص آخرون في مجالات أو أقسام محددة في الشركات.

2. استشارات الاستراتيجية:

تتفرَّع هذه الخدمة أساساً من الاستشارات الإدارية، والغرض منها هو مراجعة استراتيجيات العمل الرئيسة وتقديم نصائح اختصاصية عن كيفية تحسينها أو تطوير استراتيجيات جديدة.

إذ يكون استشاريو الاستراتيجية عادةً خبراء في مجال معيَّن، ويقدِّمون المشورة بشأن قرارات صياغة الاستراتيجية على مستوىً عالٍ، مثل رؤية الشركة ومواردها واستثمارتها.

3. استشارات العمليات:

في حين يعالج استشاريو الاستراتيجيات الأسباب، يتَّجه استشاريو العملية إلى التطبيق، وتنصبُّ جهودهم على العمليات التشغيلية، بما في ذلك عمليات الشراء، والاستعانة بمصادر خارجية، وإدارة سلسلة التوريد، وغيرها من العمليات التشغيلية.

4. استشارات الاستراتيجية المالية:

يساعد استشاريو الاستراتيجيات المالية الشركات على اتخاذ قرارات مالية مستنيرة وموضوعية وقانونية لتحسين العوائد، فيعمل هذا القطاع من الاستشارات الإدارية في تمويل الشركات، وإعادة الهيكلة المالية، وإدارة المخاطر، وحتى العقارات، ويجب على جميع المستشارين الماليين تلبية متطلبات معيَّنة والحصول على ترخيص لتقديم المشورة المالية.

5. استشارات الموارد البشرية:

الغرض من استشارات الموارد البشرية (HR) هو مساعدة الشركات على تعيين موظفين متميزين والاحتفاظ بهم؛ إذ يعالج هؤلاء المتخصصون عمليات الموارد البشرية بما في ذلك التدريب والتطوير، وحل النزاعات، وفلسفات الإدارة، والمزايا والمعاشات التقاعدية، ورضى الموظفين، ويضمن مستشارو الموارد البشرية أيضاً أنَّ الشركات تضبط ممارسات الموظفين الأخلاقية والقانونية.

6. استشارات تكنولوجيا المعلومات:

يقوم استشاريو تكنولوجيا المعلومات بتطبيق التكنولوجيا الحديثة وإدارتها، مثل تكامل الأنظمة، وتطوير البرمجيات وإدارتها، بالإضافة إلى هيكلة الشركات.

وبصفتك استشارياً في هذا المجال ستكون إحدى مهامك مساعدتك الشركات على تحديد نوع البرمجيات التي يجب أن تُستخدم بطريقة تساعد على تحقيق أهداف الشركة، بالإضافة إلى حل المشكلات، وإجراء التغييرات اللازمة.

ويُعدُّ هذا النوع من الخدمات الاستشارية تخصُّصياً للغاية، ومجال عمل مُربح جداً، ويحقِّق إيرادات ضعف التي تحققها الاستشارات الإدارية.

7. الاستشارات التجارية:

الاستشارت التجارية مُصطلح واسع ويشير إلى الاختصاصيين الذين يقدِّمون المشورة للشركات في كل ما يتعلَّق بالعملية التجارية، بدءاً من الإرشادات المالية، ومروراً بالتدريب، وانتهاءً بتسريح الموظفين، فإنَّ نوع الأعمال التي يقوم بها الاستشاري في هذا المجال تتداخل مع أعمال ذات صلة بخدمات استشارية أخرى.

ويقدِّم هذا النوع من الاستشاريين خدماتهم للشركات الصغيرة والمتوسطة، وذلك على العكس من الاستشارات الإدارية التي تقدِّم للشركات الكبيرة الحلول للمشكلات بعد تقييمها بطريقة موضوعية.

8. استشارات المبيعات:

يعمل استشاريو المبيعات على تحسين أداء فِرق المبيعات بغضِّ النظر عن حجم الشركة أو المجال الذي تعمل فيه، ويعمل استشاري المبيعات غالباً على تدريب وتطوير مهارات موظفي المبيعات، لكن يمكن أن تُطلب خدماته لأغراض أخرى، مثل اختيار النمط الأمثل لإدارة العلاقات مع العملاء، وتطوير عملية المبيعات، أو رفع معنويات الفريق، ونظراً لأنَّ المبيعات أحد أهم أجزاء العملية التجارية، فإنَّ مستشاري المبيعات يحقِّقون عائدات ضخمة للشركات؛ لذلك هم مطلوبون بشدة ويحظون بتقدير كبير.

9. استشارات التسويق:

الغرض من هذا النوع من الاستشارات هو تقييم فاعلية استراتيجيات التسويق التي تعتمدها الشركة، ومن ثمَّ توفير الإرشادات اللازمة لتحسينها، بحيث تساعد على تحقيق الأهداف وزيادة الإيرادات.

فمن الممكن أن يختصَّ استشاري التسويق في جزء معيَّن من العملية التسويقية، مثل تسويق المحتوى، أو العلاقات العامَّة، أو التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأيضاً من الممكن أن يركِّز الاستشاري خدماته في مجال معيَّن من عملية التسويق، مثل تحديد الشريحة المستهدفة من العملاء، أو استقطاب العملاء، أو التوعية بالعلامة التجارية.

10. الاستشارات البيئية:

إذا كنت من الأشخاص المهتمين بالبيئة فقد تكون الاستشارات البيئية مناسبة لك تماماً، وبصفتك استشارياً بيئياً ستكون قادراً على تقديم المشورة للشركات عن تأثير أعمالها في البيئة المحيطة، وغالباً ما ستعمل في قطاعات، مثل: البناء، وإدارة النفايات، والعقارات، والطاقة.

وتُعدُّ الاستشارات البيئية هامَّة في وقتنا الحالي كون الشركات تعمل دائماً على التقليل من الآثار السلبية لعملياتها على البيئة.

11. الاستشارات المالية:

تتداخل الاستشارات المالية إلى حدٍّ ما مع استشارات الاستراتيجية المالية التي ناقشناها أعلاه، ومع ذلك فإنَّ الاختلاف الرئيس هو أنَّ الاستشاريين الماليين يمكن أن يقدِّموا خدماتهم للأفراد والعائلات وروَّاد الأعمال، وليس للشركات فقط بخلاف استشاريي الاستراتيجيات المالية الذين تنحصر خدماتهم في الشركات.

ويمكنك بصفتك استشارياً مالياً المساعدة في كل شيء، بدءاً من النفقات اليومية والاستثمارات والضرائب إلى مشكلات السيولة المالية والتأمين والجوانب القانونية المالية.

12. الاستشارات المهنية:

يستخدم الأفراد والشركات على حدٍّ سواء الاستشارات المهنية لتجهيز أنفسهم أو موظفيهم للنمو في وظائفهم، وبصفتك استشارياً مهنياً، يمكنك مساعدة العملاء على تنمية المهارات، وتصميم السير الذاتية، وملء طلبات التوظيف، والمقابلات، وفهم سوق العمل ككل، وإذا كانت لديك معرفة بالموارد البشرية أو التوظيف، فقد تكون الاستشارات المهنية مناسبة لك.

13. استشارات الرعاية الصحية:

الغرض من استشارات الرعاية الصحية هو تعزيز تأثير ونتائج مؤسسات الرعاية الصحية، فمستشارو الرعاية الصحية هم في الأساس مستشارون إداريون يعملون في مجال الرعاية الصحية؛ إذ يقومون بتحليل الموظفين، والأرباح، والعمليات في المنظمة، وتقديم المشورة عن كيفية حل المشكلات الملحة.

14. استشارات ثقافة الشركات (التنوع والمساواة والإدماج):

ليس غريباً أن تجد الشركات على اختلاف مجالاتها وأحجامها نفسها تفتقر إلى مجموعة المهارات المحددة التي يجلبها استشاريو ثقافة الشركات، فإنَّ تعيين مستشار موارد بشرية لا يكفي للتغلُّب على التحيُّز الضمني والصريح في الشركة، وهذا ما يجعل استشاريو ثقافة الشركات (التنوع والمساواة والإدماج) أحد أكثر المهنيين المطلوبين في هذا السوق.

إذ ينطوي عملك على تقديم وجهة نظر موضوعية لمشكلات العدالة في توزيع عبء العمل، وخاصةً فيما يتعلَّق بالأفراد والثقافة، فإذا كانت لديك خبرة في الموارد البشرية أو علم النفس أو علم الاجتماع أو الإدارة غير الربحية، فقد تجد أنَّه من خلال التدريب والتعليم الموجَّه، يمكن أن تكون استشارات ثقافة الشركات (التنوع والمساواة والإدماج) هي خطوتك المهنية التالية.

15. استشارات العلاقات العامة:

قد تكون العلاقات العامَّة عنصراً أساسياً في الشركات، إلا أنَّها قد تتداخل في كثير من الأحيان مع التسويق والاتصالات في الشركات الصغيرة، لكنَّ العلاقات العامَّة هي تخصُّص مستقل، لكن لا تظهر الحاجة إلى هذا النوع من الخدمات إلَّا عندما تواجه الشركات أزمات حادة.

وقد تعمل بصفتك استشارياً للعلاقات العامة بموجب عقد مؤقت للمساعدة على وضع خطط مواجهة الأزمات قبل حدوثها، أو قد يتم الطلب على خدماتك بعد حدوث الأزمة لتحديد أفضل منهجية عمل للشركة تمكِّنها من الخروج من أزمتها من خلال وسائل الإعلام والتواصل مع الجمهور.

16. استشارات العلامة التجارية:

ستكون مسؤولاً عن تقييم مكانة العلامة التجارية حالياً في السوق بصفتك استشارياً في مجال العلامة التجارية، وقد يندرج ضمن عملك تحليل وإجراء أبحاث وتقييم المنافسين، لكن إذا كنت تفضِّل التخصُّص في مجال واحد، فهذا متروك لك.

فقد يعمل مستشارو العلامات التجارية عن كثب مع مستشاري التسويق والمبيعات لطرح المنتجات في السوق وتعديل الأسعار وتقديم الخبرة الإبداعية لصنع علامة تجارية فارقة يتذكَّرها الجمهور.

6 نصائح للبدء بالعمل بوصفك استشارياً:

  1. قيِّم نقاط قوتك ومهاراتك لتحديد المجال الذي ستعمل فيه.
  2. حلِّل احتياجات السوق المستهدف والمشكلات التي يواجهها.
  3. طوِّر علامتك التجارية، وصمِّم موقعاً على الويب، وحسِّن عروض خدماتك.
  4. ابدأ العمل.
  5. سوِّق لخدماتك لجذب عملاء جدد.
  6. ابقَ مُنظماً، ووسِّع عملك.

إذن، سنفترض أنَّك متخصِّص في مجال معيَّن من مجالات الأعمال لدرجة أنَّك قادر على تقديم المشورة القيمة للآخرين في نفس المجال، وتفكِّر في البدء بالعمل بوصفك استشارياً؛ لذلك يجب أن تتبَّع هذه النصائح التي ستساعدك على النجاح وتحقيق الفائدة لعملائك على حدٍ سواء:

1. قيِّم مهاراتك ونقاط قوتك لاختيار تخصصك:

قم بالعصف الذهني، وحدِّد المهارات ونقاط القوة التي تظنُّ أنَّها ستجعلك استشارياً ناجحاً، وتذكَّر أنَّ المستشارين خبراء في مجال معيَّن، وتدفع لهم الشركات والأفراد الكثير من الأموال للحصول على خبرتهم.

ولاحظ أيضاً أنَّ الاستشاري الماهر متخصِّص فقط في مجال أو عدد قليل من المجالات، وإذا أردت أن تعرف المجال الذي يهيئك لتكون استشارياً فكِّر في الآتي:

ما هي المهارات التي تمتلكها وتجعل منك خبيراً؟ ماذا تحب أن تفعل وتتحدث عنه؟ إذا كان عليك أن تدرِّس موضوعاً علمياً معيَّناً فأي موضوع ستختار؟ في أي المجالات يطلب أصدقاؤك وزملاؤك وعائلتك تقديم النصائح؟

هذه مجرد بعض الأسئلة التي يجب أن تطرحها على نفسك لبدء التفكير في المهارات ونقاط القوة التي تجعلك استشارياً، ودوِّن إجاباتك قبل المضي قُدماً.

2. حلِّل احتياجات السوق ومشكلاته:

بمجرد تحديد تخصُّصك الاستشاري، يجب أن يكون لديك فكرة أفضل عن مجال العمل والسوق الذي ستستهدفه، لنفترض أنَّك بارع في الكتابة وتسويق المحتوى؛ لذلك يكون من البديهي أن تفكِّر في الشركات التي تعمل في مجال التسويق، ومن ثمَّ ستتخصَّص في مجال تسويق المُحتوى وإنشائه.

ويتيح لك تحديد السوق بوصفك مستشاراً فهم الاحتياجات والتحديات ونقاط الضعف التي يواجهها عملاؤك المحتملون، والتي يمكن أن تساعد على توضيح كيفية استخدام مهاراتك لتقديم الحلول.

على سبيل المثال، لنفترض أنَّك مستشار لتسويق المحتوى ويعاني جمهورك المستهدف من صعوبات في إنشاء محتوى يحافظ على نفس وتيرة البيع، بالإضافة لصعوبات في الترويج باستخدام محركات البحث وتتبُّع المحتوى بعد الترويج له على الإنترنت.

فيسمح لك تحديد هذه العوامل بمعرفة الطريقة التي تمكِّنك من مساعدة عملائك بدقة (على سبيل المثال في الكتابة، وتحسين محركات البحث، والمعايير)، وهذا سيجلب لك العملاء على عكس النصائح غير المستندة إلى تحليل لمعطيات الواقع.

ومثلما تتخصَّص في مجموعة مهارات معينة بوصفك مستشاراً، يجب عليك أيضاً تحديد الخدمات التي تقدمها لعملائك، ويمكن أن تساعدك هذه المعلومات أيضاً على التسويق بطريقة أفضل للعملاء.

3. طوِّر علامتك التجارية وموقع الويب وعروض الخدمات:

الخطوة التالية في البدء بوصفك استشارياً هي امتلاك الوسائل المادية التي تساعدك على نجاح العمل، ويتضمَّن ذلك موقع الويب والعلامة التجارية وعروض الخدمات الخاصة بك؛ إذ تُعدُّ هذه العوامل بمنزلة مصادر تساعد العملاء على التعرُّف إليك، كما أنَّها ضرورية لجعل خدماتك متميزة عن خدمات المنافسين.

وسواء أكنت تستخدم اسمك للتعريف بنشاطك التجاري، أم اسماً آخر، فإنَّه يجب أن تعطيه اسماً رسمياً، ويجب أن تمتلك موقعاً على الويب لجذب العملاء.

والجزء الهام الآخر في هذه الخطوة هو تحديد أسلوب تقديم الخدمة للعملاء ومقدار تكاليف الاستشارات الخاصة بك، وسواء كنت تحدِّد أسعاراً ثابتة لخدماتك، أم قائمة بخدماتك وتطلب من العملاء الاتصال بك للحصول على مزيد من المعلومات، يجب على الأقل إعطاء زائري الموقع فكرة عن خدماتك وأسلوبك في معالجة المشكلات، وهنا نعود إلى النصيحتين 1 و 2.

4. ابدأ العمل:

أصبحت الآن على دراية بمهاراتك، وكيف يمكن لمهاراتك أن تساعد الآخرين، كما أنَّك أتحت للعملاء إمكانية التعرُّف إلى مهاراتك والوصول إليك، إذن فقد حان الآوان لتبدأ العمل، وهذه المرحلة تنطوي على بعض التعقيد وليست سهلة تماماً.

أولاً، ضع في حسبانك الهيكل القانوني للعمل؛ إذ يمنحك إضفاء الشرعية على عملك المصداقية، ويضمن لك سير عملية دفع الضرائب والتوظيف والتفاصيل القانونية الأخرى بطريقة واضحة.

وفكِّر بعد ذلك في الأدوات التي قد تحتاج إليها لإجراء الأعمال والتواصل مع العملاء، فقد تجد أنَّه من المفيد التسجيل في موقع "لينكد إن" (LinkedIn )، وعقد الاجتماعات عبر الفيديو مثل "زووم" (Zoom) أو "سكايب" (Skype).

فيجب عليك في هذه المرحلة فتح حساب مصرفي تجاري، والاستعانة بمحاسب، وفي المرحلة الأخير ستحتاج إلى مساعد بدوام كامل أو جزئي، وطباعة بطاقات عمل تحوي علامتك التجارية ومعلوماتك.

5. سوِّق خدماتك لجذب عملاء جدد:

بعد أن انطلقت في العمل يجب أن تركِّز على التوسع، وكباقي الأعمال التجارية، تحتاج إلى العملاء من أجل التوسع، لكن بيع خدماتك الاستشارية لا يشبه بيع المنتجات أو العقارات أو البرمجيات، فأحياناً ستجد أنَّك تقدِّم خدماتك لأشخاص لم يكونوا على دراية بحاجتهم إليها.

ويتضمَّن تسويق الخدمات الاستشارية كثيراً من أدوات التسويق، وبغضِّ النظر عن الاستراتيجية التي تعتمدها لتطوير عملك الاستشاري، فإنَّ أدوات التسويق المناسبة هي التي ستسمح لك بالتواصل مع العملاء المُحتملين بطريقة فعَّالة تمهِّد لبيع الخدمة.

وليس بالضرورة أن تؤدي وسائل مثل إنشاء مدونة للقراء، أو مدونة صوتية، أو وسائل التواصل الاجتماعي إلى أرباح فورية، لكنَّها ضرورية لتعريف الجمهور بخدماتك وإثبات خبرتك.

فالدمج بين أسلوبي التوعية بالعلامة التجارية والتسويق المباشر سيساعدك على النجاح في عملك بوصفك استشارياً، وبمجرد أن تحظى بعميل مُحتمل، يجب أن يكون لديك خطاب ترويجي قوي ونموذج مقترحات تقدِّمه للعميل ويمكن وضعه موضع التنفيذ.

وقسم هام من العملية الاستشارية هو تقديم المشورة، والقسم الآخر الذي لا يقل أهمية هو إقناع العميل بشراء الخدمة، ففي أثناء قيامك بتوسيع قاعدة عملائك استخدم منصات إدارة العلاقات مع العملاء، مثل تطبيق "هاب سبوت" (HubSpot)، والذي يأتي في إصدار مجاني للشركات الصغيرة والمتوسطة، ويوجد منه إصدار مأجور للشركات الكبيرة، ويساعد هذا التطبيق على البقاء على تواصل مع العميل والبقاء على اطلاع بما يستجد في علاقتك مع العميل.

6. ابق منظماً ووسِّع عملك:

بينما تنمو وتتقن أعمالك الاستشارية، ابق منظماً ووسِّع عملك، فالنتائج عالية الجودة هي الطريقة الأفضل للحصول على تزكيات من عملاء سابقين، ويمكن أن تكون التزكيات هي أفضل وسيلة للحصول على عمل جديد، وبعد بناء علاقات ناجحة مع العملاء، لا تتردَّد في طلب تزكيات لعملاء جدد.

قم مرةً كل شهر بمراجعة وتحليل لأعمالك الاستشارية، راجع قائمة العملاء، وأدوات البرامج، والممارسات التجارية الأخرى، وحلِّل الاستراتيجيات التي اتبعتها الناجحة منها والتي لم تنجح، وحدِّد أين يمكنك تقليل الجهد والموارد الإضافية لتوفير المال في النهاية، وأخيراً ابقَ على اطلاع على التوجهات الجديدة في مجال تخصصك حتى تضمن مواكبتك للصعوبات والتحديات التي يواجهها عملاؤك.

كيف ينمو عملك الاستشاري؟

  1. حلِّل موقعك بين منافسيك في السوق.
  2. انشِئ مدونة.
  3. شارك محتوى يُظهر أنَّك رائد فكر.
  4. اكتشف قطاعات استشارية جديدة.
  5. أسِّس شبكة علاقات وواظب على التواصل مع عملاء جدد.

يعدُّ بدء عمل استشاري إنجازاً رائعاً، لكن تحتاج إلى أكثر من ذلك حتى تنجح في هذه المهنة:

1. حلِّل موقعك بين منافسيك في السوق:

قد يكون تحليل منافسيك في السوق أمراً غير مريح، لكن بامتلاك العقلية الصحيحة، يمكنك أن تتعلَّم كثيراً منهم عن كيفية تنمية أعمالك الاستشارية وتحسينها، علاوةً على ذلك يمكنك تحديد الفجوات في السوق، وإيجاد طرائق جديدة لتتفوق عليهم من ناحية الاستراتيجيات؛ لذلك أجرِ تحليلاً لمنافسيك في السوق؛ لأنَّه من المؤكَّد أنَّ استشاريين وشركات استشارية أخرى تعمل في منطقتك.

وحاول أن تتعرَّف إلى الطريقة التي يسوقون بها أعمالهم، وما هي الخدمات الاستشارية التي يقدِّمونها، وكيف يصفونها، وما هي الطريقة التي يتَّبعونها في تقسيم خدماتهم إلى فئات، وما هي الأسعار التي يحدِّدونها لخدماتهم.

فعندما تفهم كيف يعمل منافسوك، ستتعرف أكثر إلى احتياجات العملاء، وستتمكَّن من توظيف هذه المعلومات للتفوق على منافسيك.

2. أنشئ مدونة:

يُعدُّ وجود مدونة طريقة فعَّالة لتسويق عملك، والحصول على سلطة مرجعية في مجال تخصُّصك، كما يُسهِّل الوصول إلى خدماتك بفضل الإنترنت؛ إذ يتردَّد حتى بعض الأشخاص المحترفون أيضاً في إنشاء مدونة؛ لأنهم لا يعرفون كيفية إدارة مدونة أو ما الذي يكتبون عنه، لكن في إمكانك التغلب على هذه المشكلة من خلال الاطلاع على دليل إرشاد يقدِّم لك نصائح بهذا الخصوص؟

ومصدر آخر لمحتوى المدونة الرائع هو قاعدة عملائك، فانتبه إلى المشكلات أو الأسئلة التي يواجهها عملاؤك، واجمع التغذيات الراجعة عن المعلومات المفيدة، وعلى نفس المنوال، يمكن أن يعمل محتوى المدونة أيضاً بوصفه أداةً لإتمام عملية بيع الخدمة، فسيفهم كثير منهم من خلال قراءة منشوراتك ما الذي يميِّزك، وسيبنون تصوراً عن الأمور التي سيتعلمونها من خلال الاستعانة بخدماتك.

3. شارك محتوى يُظهر أنَّك رائد فكر:

يمكن أن تساعدك عملية نشر محتوى يُظهر أنَّك من روَّاد الفكر على ترسيخ سلطتك وجذب عملاء جدد، فضع في حسبانك منصات مثل "ميديوم" (Medium) التي لها جمهور، وانشر المحتوى الأكثر موثوقية والقائم على البيانات والرأي لتعزيز الوعي بعلامتك التجارية.

ويمكنك أيضاً استخدام أدوات مثل "هارو" (HARO) للتواصل مع الصحفيين والمدونين الذين يبحثون عن اقتباسات من الخبراء وحكايات وقصص نجاح، ورُدَّ على الاستفسارات لتثبت للعملاء أنَّك رائد فكر في مجال تخصصك.

4. اكتشف مجالات أخرى يمكنك تقديم الاستشارة فيها:

راجع تحليلك لمنافسيك في السوق، هل تجد أنَّ منافسيك يقدِّمون نوعاً من الخدمات الاسشتارية التي لا تقدِّمها أنت؟ إذا كان الأمر كذلك فضع في الحسبان إضافة أنواع أخرى من الخدمات الاستشارية إلى خدماتك لتتميَّز عن منافسيك وتتمكَّن من تنمية أعمالك.

على سبيل المثال، إذا كنت استشارياً في مجال تسويق المحتوى، فيمكنك التفكير في تقديم خدمات استشارية للتسويق عبر البريد الإلكتروني والتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن يجب أن تحرص على امتلاك الخبرة الكافية لتقديم الخدمات الجديدة، فلا يجب أن تعرض خدماتك فقط من أجل استقطاب عملاء جدد.

5. أنشئ شبكة علاقات ووسِّع دائرة اتصالاتك:

التواصل شخصياً صريح ومباشر، لكنَّ التواصل عبر الإنترنت أمر مختلف، فمع تكنولوجيا اليوم ثمَّة طرائق لا حصر لها للتواصل وإقامة علاقات جديدة؛ إذ يوجد كثير من وسائل التواصل، مثل"سلاك" (Slack)، وفيسبوك (Facebook) وغيرها، لكنَّ نجاحك في التواصل عبر الانترنت يعتمد على اختيارك.

إذ يعد "تويتر" (Twitter) أحد المواقع المفضلة للتواصل مع الآخرين، فهو أسهل منصة يمكن من خلالها الاندماج مع العملاء وإجراء مناقشات معهم.

فاختبر بعض الأنظمة الأساسية والبرامج واعرف أي منها يساعدك على التواصل، وجذب العملاء، واستقطاب جمهور.

في الختام:

قد تكون الاستشارات مهنة رائعة ومربحة، لكنَّها أيضاً مهنة تتطلَّب كثيراً من الحكمة؛ إذ تبدأ الأعمال الاستشارية الناجحة بفرد أو فريق من الخبراء المطلعين المتحمسين لمساعدة الآخرين، وبغضِّ النظر عن حجم شركتك أو حجم قاعدة عملائك، حافظ على تركيزك وشغفك وخبراتك وستحقق النجاح دائماً.

أحدث المقالات

ابق على اطلاع بآخر المستجدات

کن على اطلاع بآخر المقالات والمصادر والدورات القادمة