فن الاستشارة: بناء الثقة وإدارة التوقعات وتحقيق النتائج

تعدُّ الاستشارات ممارسة هامة جداً للشركات في مختلف مجالات العمل، ويرتكز نجاحها على بناء الثقة مع العملاء، وإدارة التوقعات، وتقديم النتائج التي تلبِّي احتياجاتهم، ولا تقتصر الاستشارات الفعالة على المهارات التقنية فحسب، بل تتطلب فهماً عميقاً للجانب الإنساني، ومن ذلك بناء العلاقات والتعاطف والذكاء العاطفي، وهنا تبرز أهمية الاستشارات.

يعتمد هذا المقال على رؤى من أربعة كتب رئيسة:

الاستشارات المتقنة (Flawless Consulting)، والتغيير من خلال التصميم (Change by Design)، وكتاب السبب (The Book of Why)، وقوة التغيير (Powered by Change) لتقديم دليل شامل للاستشارات الفعالة، فيؤكد كتاب "الاستشارات المتقنة" على بناء الثقة وإقامة علاقات تعاونية مع العملاء، وفي الوقت نفسه، يوفر كتاب "التغيير من خلال التصميم" استراتيجيات عملية للابتكار والتفكير التصميمي، ويستكشف "كتاب السبب" قوة الاستدلال السببي في صنع القرار، بينما يؤكد كتاب "قوة التغيير" أهمية المرونة والتجريب في عالم سريع التغير.

توفِّر هذه الكتب خريطة طريق للاستشارات الفعالة التي تتجاوز الخبرة التقنية وتؤكِّد أهمية الجانب الإنساني في الاستشارات، ويعني فن الاستشارات أنَّ الاستشارات الفعالة تتطلب الجمع بين استراتيجيات بناء العلاقات، وإدارة التوقعات، وتحقيق النتائج، كما هو موضَّح في الكتب الأربعة، وبالتركيز على هذه العناصر الأساسية، يمكن للاستشاريين بناء الثقة مع عملائهم، وإدارة توقعاتهم بكفاءة، وتقديم الحلول التي تلبِّي احتياجاتهم.

فن الاستشارة

1. بناء الثقة

بناء الثقة هو أمر أساسي للاستشارات الفعالة؛ لأنَّ العملاء أكثر استعداداً لقبول نصيحة المستشار عندما يثقون به، وتُبنى الثقة بإثبات المصداقية وبناء الألفة وفهم احتياجات العملاء وأهدافهم، وكما يؤكد كتاب "الاستشارات المتقنة"، فإنَّ بناء الثقة هو أساس الاستشارات الفعالة.

التقنيات

توجد عدة تقنيات لبناء الثقة التي يمكن للمستشارين استخدامها لإقامة علاقة قوية مع عملائهم، ومن أهم المهارات هي الإصغاء النشط، فهي تُظهر للعميل أنَّ المستشار يأخذ مخاوفه على محمل الجد ويلتزم بفهم وجهة نظره، ويعد التعاطف تقنية هامة أخرى، لأنَّه يسمح للمستشار بالتواصل مع العميل على المستوى العاطفي وفهم احتياجاته ودوافعه.

الصراحة هامة أيضاً لبناء الثقة وإظهار صدق المستشار وانفتاحه، فمن خلال تبادل المعلومات بصراحة ووضوح، يمكن للمستشارين بناء الثقة مع عملائهم وإقامة علاقة تعاونية.

إليك بعض الخطوات العملية لبناء الثقة، استناداً إلى رؤى من كتابَي "الاستشارات المتقنة" و"التغيير من خلال التصميم":

• الإصغاء النشط: يتضمن ذلك الإصغاء بانتباه إلى ما يقوله العميل وطرح أسئلة استقصائية لإثبات أنَّك تفهم وجهة نظره.
• التعاطف: من خلال وضع نفسك مكان العميل، يمكنك فهم احتياجاته ودوافعه فهماً أفضل.
• التواصل بوضوح: استخدم لغة واضحة وموجزة لضمان فهم العميل توصياتك وأسبابها.
• المصداقية والصراحة: شارك المعلومات بصدق وصراحة، حتى لو كانت صعبة أو غير مريحة.
• بناء الألفة: يساعد إنشاء رابط شخصي مع العميل على تعزيز الثقة وبناء علاقة تعاونية.

باتباع هذه الخطوات والتقنيات، يمكن للاستشاريين بناء الثقة مع عملائهم وإنشاء أساس قوي للاستشارات الفعالة.

2. إدارة التوقعات

تعد إدارة توقعات العملاء جانباً هاماً من الاستشارات الفعالة، ويسلط كتابا "الاستشارات المتقنة" و"قوة التغيير" الضوء على أنَّ إدارة توقعات العملاء تحتاج إلى فهم شامل لاحتياجاتهم وأهدافهم، فيجب على الاستشاريين التعبير بوضوح عن نطاق المشروع والجدول الزمني، ومع ذلك، قد يكون الأمر صعباً بسبب عوامل مختلفة.

تتضمن بعض فجوات التوقعات الشائعة التي يمكن أن تنشأ في الاستشارات ما يأتي:

• توسع نطاق المشروع: يتوسع نطاق المشروع الاستشاري إلى ما هو أبعد من الاتفاقية الأصلية، غالباً بسبب تغير احتياجات العميل وأهدافه.
• الجداول الزمنية غير الواقعية: عندما يتوقع العملاء الانتهاء من المشروع الاستشاري بسرعة أكبر من الواقع، غالباً بسبب عدم فهم مدى تعقيد العمل.
• مقاومة التغيير: عندما لا يكون العملاء مستعدين لإجراء التغييرات اللازمة لتحقيق أهدافهم، غالباً بسبب عوامل سياسية أو ثقافية داخلية.

لإدارة فجوات التوقعات هذه، يجب على المستشارين استخدام استراتيجيات مختلفة بناءً على رؤى من الكتب الأربعة.

وتشمل بعض هذه الاستراتيجيات:

• التواصل الواضح: من البداية، من الضروري التواصل بصدق ووضوح مع العميل بشأن نطاق المشروع الاستشاري والجدول الزمني والنتائج المتوقعة.
• مشاركة أصحاب المصلحة: قد يكون إشراك أصحاب المصلحة في وقت مبكر من العملية مفيداً للمشروع الاستشاري، فيضمن هذا النهج توافق احتياجاتهم وأهدافهم والحصول على دعمهم للمشروع.
• إدارة الاستعداد للتغيير: من الهام تقييم مدى استعداد العميل للتغيير ووضع استراتيجيات لإدارة المقاومة والتغلب على العوائق التي تحول دون التغيير.
• التخطيط القائم على النتائج: يمكن للمستشارين التأكد من تلبية احتياجات العميل؛ من خلال التركيز على النتائج المرجوة من المشروع الاستشاري بدلاً من مجرد تقديم مجموعة من المتطلبات، فيساعد هذا النهج على ضمان استيفاء احتياجات العميل، حتى إذا تطلَّب الأمر تعديل بعض الجوانب، مثل نطاق المشروع أو الجدول الزمني.

تعد إدارة توقعات العملاء أمراً هاماً جداً للاستشارات الفعالة، وتتطلب تواصلاً واضحاً ومشاركة أصحاب المصلحة والاستعداد للتغيير والتخطيط القائم على النتائج، وباستخدام هذه الاستراتيجيات، يمكن للاستشاريين ضمان رضى عملائهم عن نتائج المشروع الاستشاري وتلبية احتياجاتهم وأهدافهم.

3. تحقيق النتائج

يعد تحقيق النتائج التي تلبي احتياجات العملاء جانباً هاماً للاستشارات الفعالة، كما يؤكد كتابا "قوة التغيير" و"الاستشارات المتقنة"، من خلال تقديم الحلول التي تلبي احتياجات العميل وأهدافه، يستطيع المستشارون بناء الثقة وإقامة علاقات طويلة الأمد مع عملائهم.

ترتكز الحلول الفعالة على الفهم العميق لاحتياجات العملاء والسياق التنظيمي، كما هو موضَّح في كتابي "التغيير من خلال التصميم" و"كتاب السبب"، على سبيل المثال، في كتاب "التغيير من خلال التصميم"، يُستخدم التفكير التصميمي لابتكار الحلول بناءً على الفهم العميق لاحتياجات العميل ودوافعه، وفي "كتاب السبب"، يحدد الاستدلال السببي الأسباب الكامنة وراء المشكلات، وهذا يؤدي إلى ابتكار حلول أكثر فاعلية.

لتحقيق نتائج تلبي احتياجات العملاء، يمكن للاستشاريين استخدام استراتيجيات مختلفة بناءً على رؤى من الكتب الأربعة.

وتشمل هذه الاستراتيجيات ما يأتي:

• التخطيط القائم على النتائج: من خلال التركيز على النتائج المرجوة من المشروع الاستشاري، يمكن للاستشاريين ضمان أن تتماشى حلولهم مع احتياجات العميل وأهدافه.
• الإدارة الفعالة للمشاريع: باستخدام أدوات وتقنيات إدارة المشروع، يمكن للاستشاريين ضمان اكتمال المشروع كما هو مخطط له وفي الموعد المحدد وفي حدود الميزانية المخصصة.
• التحسين المستمر: باستخدام التغذية الراجعة والمقاييس لتحسين الحل بشكل مستمر، يمكن للاستشاريين ضمان أن يلبي الحل احتياجات العميل ويحقق النتائج المرجوة.
• التعاون في حل المشكلات: عندما يُشرك الاستشاريون أصحاب المصلحة في عملية حل المشكلات، فإنَّهم يضمنون أن يعتمد الحل على فهم شامل للسياق التنظيمي، ويؤدي هذا النهج أيضاً إلى مواءمة الحل مع احتياجات العميل وأهدافه.
• التصميم المرتكز على الإنسان: يمكن للاستشاريين استخدام التفكير التصميمي لضمان أن يكون الحل سهل الاستخدام ويلبي احتياجات العميل، ويتطلب هذا النهج ابتكار الحلول بناءً على فهم احتياجات العميل ودوافعه.

يعد تقديم النتائج التي تلبي احتياجات العميل أمراً هاماً جداً للاستشارات الفعالة، وهو ينطوي على فهم عميق لمتطلبات العميل والسياق التنظيمي واستخدام استراتيجيات مثل التخطيط القائم على النتائج، والإدارة الفعالة للمشروع، والتحسين المستمر، وباستخدام هذه الاستراتيجيات، يمكن للاستشاريين ضمان أن تكون حلولهم فعالة ومستدامة وتلبي احتياجات عملائهم.

في الختام

يستكشف المقال أهمية الاستشارات الفعالة، ويستمد رؤى من الكتب الأربعة المذكورة آنفاً، كما أنَّه يسلط الضوء على ثلاثة عناصر رئيسة للاستشارات الفعالة: بناء العلاقات، وإدارة التوقعات، وتحقيق النتائج.

يؤكد المقال أهمية بناء الثقة مع العملاء، ويقدم أمثلة عن تقنيات بناء الثقة مثل الإصغاء النشط والتعاطف والمصداقية، ويسلط المقال الضوء أيضاً على تحديات إدارة توقعات العملاء، مثل توسع نطاق المشروع والجداول الزمنية غير الواقعية ومقاومة التغيير، وشَرَحَ استراتيجيات إدارة هذه التوقعات، مثل التواصل الواضح، وإشراك أصحاب المصلحة، والاستعداد للتغيير.

يؤكد المقال على تقديم نتائج تتمحور حول العميل، كما هو موضح في كتاب "قوة التغيير" و"الاستشارات المتقنة"، وتعتمد الحلول الفعالة على الفهم الشامل لاحتياجات العميل والسياق التنظيمي، كما هو موضَّح في كتابي "التغيير من خلال التصميم" و"كتاب الأسباب"، ويوفر المقال استراتيجيات لتحقيق النتائج، مثل التخطيط القائم على النتائج، والإدارة الفعالة للمشروع، والتحسين المستمر.

يسلط المقال الضوء على أهمية استخدام هذه المبادئ في الممارسة الاستشارية، وهي تدعو الاستشاريين لاستخدام هذه الأفكار لتحسين ممارساتهم الاستشارية، فيمكن للاستشاريين تعزيز فاعليتهم وإقامة علاقات طويلة الأمد مع العملاء من خلال بناء علاقات قوية وإدارة التوقعات وتقديم نتائج تتمحور حول العميل.

يوفر المقال لمحة شاملة عن الاستشارات الفعالة، ويسلط الضوء على أهمية بناء العلاقات، وإدارة التوقعات، وتحقيق النتائج، وباستخدام هذه المبادئ في ممارساتهم، يمكن للاستشاريين تحسين فاعليتهم وتوفير قيمة أكبر للعملاء.