مستقبل قطاع الاستشارات: التغيرات، والتوجهات الحالية، ودور أقسام المشتريات في اختيار الشريك الاستشاري الأنسب (الجزء الأول)
كانت الشركات سابقاً تعتمد على عدد محدود من المؤسسات الاستشارية الموثوقة التي تختارها بناءً على سمعتها في السوق لتلبية احتياجاتها المختلفة، مثل تقديم المشورة، والتخطيط الاستراتيجي، وتنفيذ الإجراءات التي تطلبها الإدارة العليا.
لم يكن لقسم المشتريات دور يُذكَر، وكان اختيار المستشارين يعتمد على التوصيات والعلاقات الشخصية، ولكن طرأت تحولات وتغيرات جذرية على آلية العمل في قطاع الاستشارات في الآونة الأخيرة.
لم تعُد مضطراً للاعتماد على شركة استشارية واحدة كبيرة لتلبية احتياجاتك كافةً، بل يمكنك أن تختار ما يناسبك من الاستشاريين المتخصصين، والمنصات الاستشارية الرقمية، والشركات العالمية الكبرى، بعد انتشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ومنصات تحليل البيانات، وشبكات الخبراء، والشركات الناشئة.
تتدخل فِرَق المشتريات حالياً في المشاريع الاستشارية من خلال وضع استراتيجيات تساعد في تعزيز فعالية العمل، والقدرة على اختيار الشريك الاستشاري الأنسب، ومحاسبته على النتائج.
ولكن تفرض هذه المرونة تحديات جديدة ناجمة عن سعي بعض الشركات إلى تقليص عدد الموردين، أو التركيز على عامل السعر وإغفال الأهداف الاستراتيجية للمشاريع الاستشارية، كما يواجه العملاء صعوبة في التعامل مع نماذج التوريد المجزّأة، وتعارض الأهداف، وضخامة البيانات. يحتاج العميل إلى مساعدة المختصين لكي يستفيد من هذه البيانات الضخمة.
وهنا يبرز السؤال التالي: كيف يمكن الاستفادة من هذا التنوع دون إغفال الأولويات؟ تكمن الإجابة في فهم التوجهات التي تقود قطاع الاستشارات في الوقت الحالي، واستخدام هذه المعرفة في وضع استراتيجيات تعاون فعالة.
يتألف المقال من جزأين وهو يبحث في المحاور الرئيسية التالية:
- تأثير الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، والأتمتة على سير العمل في قطاع الاستشارات.
- نمو الشركات الصغيرة والمنصات الاستشارية التي تقدم خدمات متخصصة.
- تداخل مجالي الاستشارات والخدمات المهنية، واندماج التخطيط الاستراتيجي مع التكنولوجيا والتنفيذ.
- دور قسم المشتريات في تعزيز فعالية الخدمات الاستشارية وقيمتها.
يقدم المقال معلومات تساعدك في فهم التغيرات التي يشهدها قطاع الاستشارات، وتمكّنك من تحقيق فائدة أكبر ضمن الميزانية المتوفرة.
استخدام الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات، والأتمتة في قطاع الاستشارات
كَثُرَ الحديث في الآونة الأخيرة عن الذكاء الاصطناعي، وانتشرت أخبار وشائعات عن إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا بدل المستشارين، وهذا غير صحيح، أي لا يمكن الاستغناء عن المستشارين في الوقت الحالي، ولكن يُتوقَّع أن يؤدي الذكاء الاصطناعي، وأدوات الأتمتة والبيانات إلى تغيير آلية عمل المستشار والنتائج المتوقعة من هذه الخدمات.
يتوفر في الوقت الحالي أدوات ومنصات تؤدي مهام يتقاضى عليها المستشارون أجور باهظة مثل إجراء أبحاث السوق وجمع البيانات، وثمة شبكات تتيح إمكانية التواصل مع خبراء مختصين بتقديم خدمات محددة دون أن تضطر إلى التعاقد معهم لتأدية مشروع كامل. تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أدوات لجمع بيانات الشركات المنافسة بسرعة أكبر وتحسين عمليات المقارنة المرجعية.
التعقيد المرافق لكثرة الأدوات وضخامة البيانات المتوفرة
تواجه الشركات صعوبة في التعامل مع البيانات المتوفرة، وتوظيفها، والاستفادة منها، وتحويلها إلى خطوات عملية، وذلك بسبب ضخامتها من جهة، وصعوبة تفسير نتائج التقارير واستخدامها في التخطيط الاستراتيجي من جهة أخرى، وقد تؤدي هذه الفوضى إلى اتخاذ قرارات مبنية على معلومات ناقصة أو خاطئة.
لقد تغيرت وظيفة المستشار، ولم يعُد مسؤولاً عن جمع المعلومات، بل يُطلَب منه في الوقت الحالي تحليل البيانات، واستخلاص الاتجاهات، وتحويل النتائج إلى إجراءات عملية.
دور الأتمتة في مساعدة المستشار
تجدر الإشارة إلى أنَّ أدوات الأتمتة لا تغني عن المستشارين، ولكنَّها تؤدي المهام الثانوية التي كانت تهدر وقتهم في السابق، مثل جمع البيانات، وإجراء العمليات الحسابية، وإعداد التقارير، وهذا ما يمنح المستشارين فرصة التركيز على الأعمال الأهم، مثل:
- تقديم توصيات استراتيجية مصممة خصيصاً لاحتياجات العميل.
- إدارة مشاريع معقدة تضم أطرافاً متعددة.
- تطوير حلول مبتكرة لمبادرات التحول الرقمي.
تفيد أدوات الأتمتة العملاء؛ لأنَّها توفر عليهم تكاليف المهام الروتينية، وتمكِّنهم من محاسبة المستشارين على النتائج الفعلية، ولكن تجدر الإشارة إلى استمرار بعض شركات الاستشارات بتطبيق النماذج القديمة، وتقاضي أجور عدد ساعات العمل على المهام المتكررة في المشروع، ما يعني أنَّها تطلب رسوم أعلى وتقدم نتائج أقل فعالية من الشركات التي سبقتها وواكبت التطور الرقمي. يحق للعميل أن يستفسر عن موضوع أدوات الأتمتة وكيف تستخدمها الشركات الاستشارية لتلبية احتياجاته.
اختيار النهج الاستشاري المناسب
يُستخدَم الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في الميادين كافةً، بل وأصبح مادة تسويقية أساسية في العروض الاستشارية التي تحاول إقناع العميل بفعالية أداة جديدة في تحسين دقة التوقعات، وأتمتة العمليات، وإعداد التقارير باستخدام خوارزميات تعلم الآلة. وهنا يبرز السؤال التالي: هل نحتاج فعلاً إلى هذه الأداة؟
ينبهر العملاء بالتقنيات الحديثة والعروض الترويجية التي تركز على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ولكن هذه الأدوات لا تحل مشكلات العميل بمفردها، ولا تنوب عن المستشار بل تساعده في عمله. من ثمَّ، يجب أن تبحث عن مستشار قادر على حل مشكلتك بصرف النظر عن اعتماده على أدوات الذكاء الاصطناعي.
ركز على الخبرة والقدرة على حل المشكلات، ولا تنبهر بأدوات الذكاء الاصطناعي المتطورة قبل أن تتحقق من فوائدها العملية وفعاليتها في تحسين جودة النتائج. التفكير الاستراتيجي والإبداع البشري ضروريان للاستفادة من الخوارزميات في تحقيق النتائج المرجوة.
اختيار الشركة الاستشارية المناسبة
فيما يلي 4 خطوات لتقييم الشركات الاستشارية:
1. الاستعلام عن آلية العمل المُقترَحة لحل مشكلتك
استفسر عن آلية العمل المُقترَحة لحل مشكلتك، ودور الأدوات التكنولوجية بما فيها الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة النتائج. تذكر أنَّك بحاجة إلى تحقيق نتائج عملية، ولا تركز على التقارير والبيانات التي تُولِّدُها أدوات الذكاء الاصطناعي.
2. البحث عن الخبرة العملية، بدل التركيز على الأدوات التكنولوجيا فقط
يجب أن يكون المستشار قادراً على الاستفادة من البيانات في تحسين استراتيجية العمل، وتحقيق نتائج فعلية سواء استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي أو المنهجيات التقليدية.
3. التركيز على النتائج بدل المخرجات
اطلب من المستشار تقديم حلول عملية تحقق النتائج المرجوة بدل التركيز على التقارير والعروض التقديمية، لكي تكوِّن فكرة عن وضعك الراهن، وآلية الحل المُقترَح، ودواعي تطبيقه.
4. الاستعلام عن دور الأدوات التكنولوجية
إذا كانت الشركة الاستشارية تروّج لمنصة ذكاء اصطناعي خاصة بها، عندئذٍ عليك أن تستعلم عن دور هذه الأدوات التكنولوجية في حل مشكلتك، وتطلب الاطلاع على أمثلة حقيقية، أو دراسات حالة، أو تجارب سابقة تثبت فعاليتها قبل أن تستثمر وقتك ومالك في هذه الشركة.
لا يغني الذكاء الاصطناعي عن الخبرة البشرية
لا شك أنَّ أدوات الذكاء الاصطناعي تساهم في تحسين سير العمل الاستشاري من خلال أتمتة عمليات جمع البيانات، وتسريع إجراءات تحليلها، وتعزيز فعالية المشاريع، ولكنَّها لا تكفي بمفردها لتلبية احتياجات العميل.
فيما يلي 3 متطلبات أساسية للنجاح في مجال الاستشارات:
- تفكير استراتيجي شامل لتحديد الأهداف طويلة الأمد.
- القدرة على حل المشكلات بطرائق إبداعية.
- بناء علاقات تضمن التوافق مع أصحاب المصلحة وإدارة التغيير.
تتطلب هذه الإجراءات خبرات بشرية؛ لأنَّها غير قابلة للأتمتة، بمعنى أنَّك تحتاج إلى مستشار يقيِّم افتراضاتك، وينتبه إلى الجوانب التي غفلت عنها، ويقود الفترات الانتقالية فعلياً ضمن الشركة.
تتفوق الشركة على المنافسين عندما توازن بين الكفاءات والخبرات البشرية من جهة، والتطورات التكنولوجية من جهة أخرى، أي يجب أن تُستخدَم أدوات الذكاء لتعزيز القدرات والإمكانيات الإنسانية وتأدية المهام المتكررة؛ لأنَّها لا تغني عن الحدس والخبرات البشرية.
برزت في السنوات الأخيرة شركات استشارية صغيرة ومنصات خبراء تقدّم خدمات متخصصة بمرونة أعلى، ولكن هل تصلح هذه النماذج للمشاريع كافة؟
شعبية الشركات الاستشارية الصغيرة ومنصات الخبراء
ازدادت شعبية الشركات الاستشارية الصغيرة ومنصات الخبراء المتخصصين في السنوات الأخيرة؛ لأنَّها تقدم خبرات مصممة خصيصاً لتلبية متطلبات العميل بسرعة وفعالية أكبر. يشتكي كثيرٌ من العملاء من ارتفاع أجور الشركات الكبرى والتعقيدات الإدارية المرافقة للتعامل معها، في حين توفر الشركات الصغيرة سرعة في الاستجابة، وسهولة في التعاون، ولا تفرض على العميل رسوم الإجراءات والتعقيدات الإدارية.
الشركات الصغرى فعالة للغاية في ظروف وشروط معيَّنة؛ لكنَّها لا تلبي الاحتياجات الاستراتيجية كافةً، ولا يصلح التعاون معها في بعض الحالات.
الإقبال على الشركات والمنصات الصغيرة
- تقدم الشركات الاستشارية الصغيرة خبرات متخصصة، ومعرفة دقيقة في مجالات وقضايا محددة، فإذا كنت بحاجة إلى معلومات مفصلة عن موضوع محدد، فإنَّ التعاون مع شركة استشارية متخصصة في هذا المجال يحقق نتائج أفضل من التعامل مع شركة كبرى تقدم خدمات عامة. على سبيل المثال:
وكالة متخصصة بالتسويق الرقمي: تقدّم وكالات التسويق المتخصصة حلولاً سريعة ومبتكرة تتفوق على الشركات الكبرى التي تكلف قِسماً أو فريقاً بتأدية مهام التسويق. - شركات استشارية في مجال الاستدامة: تقدِّم هذه الشركات توجيهات دقيقة تساعد في وضع استراتيجيات الاستدامة بأسعار معقولة.
توفر هذه الشركات والمنصات مرونة وحرية في العمل مع عدد من مزودي الخدمات، بدل التعاقد مع شركة كبرى واحدة؛ مما يمكِّنك من تخصيص تجاربك الاستشارية لاحتياجاتك الدقيقة.
محدودية الشركات الصغيرة والمنصات المتخصصة
لا تُعَد الشركات الاستشارية الصغيرة ومنصات الخبراء الخيار الأنسب في بعض الحالات وذلك للأسباب التالية:
1. محدودية القدرة التشغيلية والإنتاجية
لا تمتلك الشركات الصغيرة الموارد الكافية لتنفيذ مشاريع معقدة، أو واسعة النطاق، ولا تُعَد الخيار الأنسب إذا كانت المبادرة تشمل عدة مناطق جغرافية أو تتطلب تنسيقاً واسع النطاق بين وحدات وأقسام شركة العميل.
2. مخاطر التجزئة
يرتفع احتمال تعارض الأهداف وضعف التنسيق والتواصل عند التعامل مع عدد من مزودي الخدمات المتخصصين، كما يؤدي غياب العنصر القيادي إلى تخصيص وقت طويل لإدارة الجهات المشاركة بدل التركيز على تنفيذ المشروع.
3. ثغرات في إدارة المشروع
تؤدي المنصات التخصصية، مثل شبكات الخبراء ومواقع العمل الحر دوراً جيداً في تنفيذ المهام التكتيكية بسرعة؛ لكنَّها لا تقدّم إدارة متكاملة للمشاريع، أي يجب تأسيس مكتب لإدارة المشاريع ضمن الشركة، أو التعاقد مع شركة استشارية رئيسية لقيادة المشاريع التي تتطلب إشرافاً مستمراً من أجل الحفاظ على اتساق العمل، وتضافر الجهود، واستمرار التقدم.
باختصار، لا تُعَد الشركات الصغيرة والمنصات المستقلة الخيار الأمثل لمشاريع التحوُّل الكبرى التي تتطلب موارد ضخمة وتنسيق واسع النطاق بين عدة جهات.
الحالات المناسبة للشركات والمنصات الاستشارية الصغيرة
ينجح التعاقد مع الشركات الصغيرة والمنصات المتخصصة في الحالات التالية:
- الحاجة إلى خبرات تخصصية: تتفوق الوكالات المتخصصة على الشركات الكبرى العامة وتقدم نتائج أفضل في المشاريع التي تتطلب خبرة دقيقة في أسواق أو مجالات تقنية معيَّنة.
- الاحتياجات التكتيكية قصيرة الأمد: تُعَد المنصات الرقمية الخيار الأمثل لتأدية المهام الجزئية، مثل التحقق من صحة افتراضات السوق، وجمع المعلومات عن الشركات المنافسة، وقطاع العمل؛ لأنَّها تتيح إمكانية التعاون مع خبراء متخصصين بتكلفة مقبولة.
- المشاريع البسيطة: تقدم الشركات الصغيرة منهجية عمل مرنة تناسب المشاريع المحدودة التي لا تتطلب عمليات تنسيق واسعة النطاق.
ولكن يجب التعاقد مع شركة كبرى قادرة على التوسع والإشراف على عدة فِرَق عمل ومناطق جغرافية في المبادرات المعقدة التي تشمل مجموعة من الأقسام، مثل إعادة الهيكلة التنظيمية أو برامج التحول العالمية.
التوفيق بين الشركاء الكبار والصغار
يُنصَح بالتعاون مع شركات كبرى وصغرى متخصصة في آنٍ معاً من أجل الاستفادة من مزاياها في وضع استراتيجية عمل مرنة تتكيف مع مراحل المشروع واحتياجاته على النحو التالي:
- الاستفادة من المنصات التخصصية في إجراء الأبحاث والدراسات التحليلية الأولية.
- التعاون مع شركة متخصصة لتصميم حل دقيق.
- التعاقد مع شركة كبرى لتنفيذ مشروع واسع النطاق والحصول على دعم طويل الأمد.
يشترط نجاح هذا النموذج تنسيق عمل الأطراف المعنية ومحاسبتها على النتائج، ووجود جهة قيادية تشرف على عمليات الشركات الاستشارية الصغرى، وتضمن توحيد الجهود والأهداف.
استراتيجية العميل: فهم قطاع الاستشارات
يمتلك العملاء حالياً قدرة أكبر على تصميم تجربة الاستشارة وفق احتياجاتهم، وخاصة مع تنامي دور المنصات والشركات الصغيرة، ولكن تفرض هذه المرونة مسؤوليات إضافية تتعلق بتنسيق العمليات وتوحيد الجهود المبذولة وضمان فعالية العمل من خلال الالتزام بالإجراءات التالية:
1. توضيح الأدوار والنتائج المتوقعة
تحديد الجهات المسؤولة عن كل جزء من المشروع، والاتفاق على آلية معيَّنة لتنسيق النتائج والمخرجات.
2. تقييم قابلية التوسع
التأكد من قدرة مزود الخدمات على التعامل مع حجم وتعقيد المشروع، أو وضع خطة داخلية لإدارة التوسع عند اللزوم.
3. التركيز على التوافق مع الأهداف الموضوعة
يجب أن يتوافق سير العمل مع أهدافك الاستراتيجية لتحقيق أقصى فائدة ممكنة بصرف النظر عن عدد الشركات التي تتعاقد معها.
يتزايد التداخل بين الخدمات الاستشارية والمجالات المهنية الأخرى، فاليوم، تقدم شركات تكنولوجيا المعلومات، والموارد البشرية، والهندسة خدمات استشارية، في حين اتجهت الشركات الاستشارية التقليدية إلى العمل في مجالات أوسع مثل البرمجة والإدارة.
تناقش الفقرة التالية هذا التداخل، وكيف يؤثر فعلياً على العملاء ومستقبل قطاع الاستشارات.
تقاطع الاستشارات الإدارية والتقنية مع الخدمات المهنية
كانت شركات الاستشارات الإدارية في السابق تركز على التخطيط الاستراتيجي، وتنفيذ العمليات، والإشراف على التغيرات التنظيمية، ومساعدة المديرين التنفيذيين في التعامل مع المسائل الاستراتيجية مثل دخول أسواق جديدة، أو تغيير هيكلية الشركة، أو وضع استراتيجيات النمو، في حين ركزت شركات تكنولوجيا المعلومات على المسائل التقنية والبرمجية.
ولكن بدأ تداخل هذين المجالين خلال العقدين السابقين، وأصبحت شركات الاستشارات الإدارية تقدم خدمات تقنية متكاملة، في حين اتجهت شركات تكنولوجيا المعلومات نحو إدارة التحولات الرقمية الشاملة.
وفي خضم هذا التحول، نشأت شركات جديدة في قطاع الخدمات المهنية؛ مما أدى إلى احتدام المنافسة وزيادة تداخل الأدوار والوظائف.
لمحة تاريخية: اندماج الإدارة مع تكنولوجيا المعلومات
شهد قطاع الاستشارات نقلة نوعية في بداية الألفية مع توجه مزيد من الشركات نحو التحول الرقمي، والحاجة إلى كل من التخطيط الاستراتيجي والخبرات التقنية لاستمرار المنافسة في السوق؛ مما أدى إلى النتيجتين التاليتين:
بدأت شركات الاستشارة الإدارية الشهيرة بالتعاقد مع خبراء متخصصين في مجال تكنولوجيا المعلومات لتقديم الاستشارات التكنولوجية.
وسَّعت شركات الاستشارة العملاقة في مجال تكنولوجيا المعلومات نطاق خدماتها لتشمل الاستشارات الاستراتيجية وتنافس شركات الاستشارة الإدارية التقليدية.
أتاح هذا التوسع للعملاء إمكانية تلبية احتياجاتهم التكنولوجية والاستراتيجية كافةً من خلال التعاقد مع شركة استشارية واحدة، ولكن بالمقابل واجهت الشركات الاستشارية صعوبة في دمج هذه الخدمات مع بعضها؛ مما أدى إلى ضعف التنسيق وتدني جودة الخدمات.
في الختام
قدم الجزء الأول من المقال معلومات قيِّمة عن دور أدوات الذكاء الاصطناعي، والأتمتة، وتحليل البيانات في تغيير قطاع الاستشارات، كما تطرَّق إلى الفرص والتحديات المرافقة لتنوع مزودي الخدمات في الوقت الحالي، وكيفية اختيار الشريك الأنسب.
Ads space
Latest Articles
Stay up-to-date with the latest
Be aware of the latest articles, resources and upcoming courses