دور المستشارين الاستراتيجيين في نجاح الأعمال
صار المستشارون الاستراتيجيون اليوم ضرورة لا غنى عنها للشركات للحفاظ على قدرتها التنافسية، فهُم يحلِّلون توجُّهات السوق ويحدِّدون فرص النمو ويقدمون توصيات تعتمد على البيانات لتحسين الأداء وتحقيق الأهداف طويلة الأمد، ووجدت دراسة أجرتها شركة ماكينزي (McKinsey) أنَّ 70% من الشركات التي تستعين بمستشارين استراتيجيين شهدت تحسينات كبيرة في الكفاءة والتموضع في السوق، فمن المتوقع أن تصل قيمة سوق الاستشارات الاستراتيجية العالمية، التي تقدَّر قيمتها قرابة 51 مليار دولار في عام 2024 إلى قرابة 80 مليار دولار بحلول عام 2032 بمعدَّل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ قرابة 6% في الفترة المتوقَّعة.
يرجع سبب هذا النمو إلى توسع نطاق الخدمات الاستشارية لتشمل التحول الرقمي، والأمن السيبراني، والاستدامة، ففي عام 2020، ذكرت 43.5% من الشركات الاستشارية أنَّ التحدي الأساسي الذي تواجهه هو الحاجة إلى مهارات جديدة، وأدَّى هذا الطلب على الخبرة المتخصِّصة إلى زيادة توسُّع سوق الاستشارات المستقلة، فسعت الشركات أكثر فأكثر إلى التعاقد مع متخصصين يتمتعون بالمرونة والمهارة لتلبية احتياجاتهم، وفي هذا المقال، سوف نستكشف دور المستشارين الاستراتيجيين في نجاح الأعمال، ونجيب عن الأسئلة الآتية:
- ما هي أسباب زيادة تأثير المستشارين الاستراتيجيين والطلب عليهم؟
- ما هي المنهجيات والأُطر التي يستخدمها المستشارون الاستراتيجيون؟
- كيف يحقق المستشارون الاستراتيجيون المستقلون القيمة؟
تأثير الاستشارات الاستراتيجية واتجاهاتها
شهد مشهد الأعمال العالمي زيادة بنسبة 200% في الاضطرابات في الفترة من 2017 إلى 2022، وهذا دفع 58% من الرؤساء التنفيذيين إلى التشكيك في فاعلية استراتيجياتهم، وعلى هذا يرجَّح أن تتفوَّق الشركات التي تطلب المشورة من المستشارين الاستراتيجيين وتتبنَّى التقنيات الناشئة على المنافسين بمقدار 2.5 مرة، وأن تحقِّق متوسط نمو في الإيرادات يبلغ 10%.
في الوقت الحالي، تستفيد أكثر من 60% من شركات فورتشن 500 (Fortune 500) من خدمات الاستشارات الاستراتيجية، وتحقِّق رضى العملاء بمعدل وسطي يبلغ 85%، ويساعد المستشارون الاستراتيجيون أيضاً عملاءهم على توفير التكاليف، فتشهد الشركات انخفاضاً يصل إلى 15% في النفقات التشغيلية في السنة الأولى من تنفيذ التوصيات، ويعدُّ هذا أمراً هاماً لقطاعات، مثل التصنيع وتجارة التجزئة، التي تواجه زيادة تصل إلى 8% في التكاليف التشغيلية منذ عام 2020 بسبب اضطرابات سلسلة التوريد وزيادة تكاليف العمالة.
كما يتحسن الأداء المالي تحسناً ملحوظاً، فتفيد المنظمات التي تعمل مع الاستشاريين بارتفاع في الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والاستهلاك بنسبة 10-15% في المتوسط، وذلك بسبب تدفقات الإيرادات الجديدة وفرص السوق، وازداد اعتماد صناعات، مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمصارف والخدمات المالية والتأمين، والرعاية الصحية، والتصنيع على المستشارين الاستراتيجيين، ويمثِّل قطاع المصارف والخدمات المالية والتأمين أكثر من 25% من إيرادات الاستشارات الاستراتيجية، بينما من المتوقع أن يشهد قطاع الرعاية الصحية أعلى معدل نمو سنوي مركَّب من عام 2022 إلى عام 2030.
تطور استراتيجية الشركة وأُطر الاستشارات الاستراتيجية
أطر الاستشارات الاستراتيجية هي هياكل منطقية لتصنيف وتنظيم المعلومات المعقدة، وإنَّها أدوات أساسية تُستخدم لتشخيص المشكلات، وهيكلة التحليل، وتوجيه عملية اتخاذ القرار، وتظل فعَّالة للمستشارين في قيادة مشاريع الاستراتيجية، وترجع أطر الاستشارات الاستراتيجية إلى منتصف القرن العشرين، وتعكس التغيرات الديناميكية في استراتيجية الشركات، فتعكس كل مرحلة التغيرات في المشهد التجاري والحاجة إلى الخبرة الاستشارية المتخصصة.
توجد 5 طرائق رئيسة للاستراتيجية، اعتماداً على المرونة (كيف يمكن لشركة فردية التأثير في السوق ككل؟)، وعدم القدرة على التنبؤ (درجة عدم اليقين والتغير) في بيئة الأعمال الاستراتيجية الكلاسيكية، والتكيفية، والرؤيوية، واستراتيجيتي التشكيل والتجديد.
1. الاستراتيجية الكلاسيكية
ظهرت الاستراتيجيات الكلاسيكية في بيئات مستقرة ويمكن التنبؤ بها، فتهدف إلى تحقيق ميزة تنافسية مستدامة على المنافسين، وساعدت أُطر العمل في منتصف القرن العشرين، مثل تحليل سوات (SWOT)، ومصفوفة أنسوف (Ansoff)، وتحليل بيست (PEST)، الشركات على تحسين مكانتها في السوق.
شهدت أواخر السبعينيات تقدماً كبيراً مع إطار عمل "مايكل بورتر" (Michael Porter) للقِوى الخمس، والذي قيَّم الأسواق بناءً على قوة المساومة للمشترين والموردين، والتهديدات من الداخلين الجدد والبدائل، والتنافس في مجال العمل، وقد أدت أعمال "بورتر" اللاحقة إلى تقديم الاستراتيجيات العامة، ومن ذلك استراتيجيات القيادة من حيث التكلفة، والتمايز، أو الاستراتيجيات المركَّزة للحفاظ على ربحية فوق المتوسط.
تواجه الشركات التي تفشل في تبنِّي هذه الاستراتيجيات خطر "البقاء في المنتصف"، ولقد ألهمت استراتيجيات "بورتر" العامة دراسات حالة ناجحة، مثل إيكيا (Ikea) وولمارت (Walmart) للقيادة من حيث التكلفة، وآبل (Apple) للتمايز، فأكَّد "بورتر" أنَّ الميزة التنافسية تعتمد على مكانة الشركة داخل قطاعها.
لكن أظهرت دراسة أجرتها مجلة إدارة البحوث (Management Research Review) أنَّ قطاع العمل لا يمثِّل سوى نسبة ضئيلة من التباين في أداء الشركة، وتتوافق الاستراتيجيات الكلاسيكية، مثل إطار عمل بورتر للقوى الخمس مع نموذج المنظمة الصناعية، وهذا يشير إلى أنَّ الخصائص البيئية الخارجية تحدد استراتيجيات الشركة وأداءها، وغالباً ما تتجاهل الخصائص الداخلية للشركة.
ردَّاً على ذلك، ظهر إطار عمل الرؤية القائمة على الموارد (Resource Based View Framework)، والذي ينص على أنَّ الميزة التنافسية للشركة تعتمد على قدرتها على تحديد وتسخير الموارد الرئيسة التي تكون قيِّمة ونادرة وغير قابلة للتقليد أو الاستبدال، ويعتمد المستشارون الاستراتيجيون تقليدياً على هذه الأُطر، والتي تكون فعالة في البيئات المستقرة ذات ظروف السوق التي يمكن التنبؤ بها.
تتضمن مشاريع الاستراتيجية التقليدية تحديد المهمَّة والرؤية والأهداف، يليها تحليل داخلي وخارجي باستخدام تحليل سوات، وتُقيَّم الخيارات الاستراتيجية للتأكد من جدواها وقبول أصحاب المصلحة، وهذا يؤدي إلى تنفيذ الاستراتيجية المختارة، وعلى الرغم من انتشار استخدام العمليات الاستراتيجية التقليدية، فإنَّ لها بعض العيوب في البيئات غير المستقرة وغير القابلة للتنبؤ، وهذا قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج متأخرة وتركيز استراتيجي ضيِّق، وقد أدَّت الحاجة إلى نهج أكثر استجابة ومرونة إلى ظهور الاستراتيجية التكيفية والرؤيوية.
2. استراتيجية التكيف
بدأت أوَّل أُطر عمل استشارية للاستراتيجية التكيفية في الظهور في التسعينيات من أجل التكيف مع البيئات المتقلبة، ومن أبرزها ميزة السبق في التحرك، التي قُدِّمت في عام 1988، وهي الميِّزة التنافسية التي تحصل عليها شركة ما من خلال تقديم منتج أو خدمة للسوق في أقصر وقت ممكن، وفي بعض الصناعات، يُكافأ السبَّاقون بوضع احتكاري شبه كامل وهامش ربح مرتفع، ومع ذلك تسمح صناعات أخرى للمتأخرين بفرصة للمنافسة منافسة أكثر فاعلية وكفاءة.
يساعد "إطار ميزة السبق في التحرك" الشركات على تحديد الفرص لتصبح السبَّاقة، والاستفادة من النجاحات المبكِّرة، وتحديد الاستراتيجيات المبتكرة المحتملة، وما يزال هذا التوجُّه متَّسقاً مع نماذج الاستراتيجية التقليدية التي تستند إلى فكرة مهيمنة واحدة ألا وهي الغرض من الاستراتيجية هو تحقيق ميزة تنافسية مستدامة.
في عام 2014، طرحت البروفيسورة "ريتا غونتر ماكغراث" (Rita Gunther McGrath) من كلية كولومبيا للأعمال (Columbia Business School) فكرة جديدة للفوز، وهي الميزة التنافسية العابرة للاستفادة من الفرص بسرعة، واستثمارها إلى أقصى حد، والانتقال إلى فرص أخرى حتى قبل استنفادها.
صارت هذه الفكرة معياراً في الاستشارات الاستراتيجية، مع التركيز على توقيت المبادرات والقدرة على التحول بسرعة بوصفها العمود الفقري لاستراتيجية ناجحة، والتي تتكون من خمس مراحل ألا وهي الإطلاق، والزيادة، والاستثمار، وإعادة التشكيل، والانسحاب، ويساعد المستشارون الاستراتيجيون الشركات على تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال تحديد الفرص الناشئة، وتوجيه توقيت المبادرات، وتصميم نماذج أعمال مرنة، وتطوير استراتيجيات الخروج، وهذا يضمن التكيف المستمر والنجاح في البيئات المتقلبة.
3. الاستراتيجية الرؤيوية
في الصناعات المستقرة ذات القواعد الصارمة والراسخة، والتي تتَّسم بانخفاض المرونة وعدم اليقين، فإنَّ الشركات لديها مساحة أقل لقيادة التغيير، ففي هذه الحالات، يعدُّ استخدام الاستراتيجيات الكلاسيكية، مثل ميزة التكلفة أو التمايز وسيلة فعَّالة للتنافس واكتساب حصة في السوق، ومع ذلك عندما تصبح المنافسة أكثر شراسة ويصبح السوق أكثر نضجاً، تحتاج الشركات إلى البحث عن طرائق جديدة لتحقيق الميزة التنافسية والحفاظ عليها.
أدى ذلك إلى تطوير استراتيجية المحيط الأزرق (Blue Ocean) من قِبل "دبليو تشان كيم" (W. Chan Kim) و"رينيه موبورن" (Renée Mauborgne) في عام 2005، والتي بُنِيَت حول أفكار الابتكار القيمي والابتكار الثوري، وتركِّز استراتيجية المحيط الأزرق على توفير مساحات سوقية جديدة، أو "المحيطات الزرقاء"، ومن ذلك:
- الابتكار في القيمة، والذي يكسر نظام المقايضة التقليدي بين القيمة والتكلفة من خلال مواءمة الابتكار مع الفائدة والسعر والتكلفة.
- الابتكار الثوري، وهو إنشاء أسواق جديدة من خلال الابتكارات التي تلبِّي في البداية احتياجات القطاعات المتخصصة، ولكنَّها في النهاية تُحدث تغييراً جذرياً في الشركات الرائدة الراسخة.
أدى ذلك إلى ظهور أُطر استراتيجية جديدة، مثل استراتيجية كانفاس (Strategy Canvas) وإطار عمل (ERRC)، وهي أدوات تشخيصية وإجراءات تساعد الشركات على التفكير في التغييرات اللازمة في استراتيجيتها للابتكار، وهذا يوفر تمثيلاً مرئياً لمنحنى قيمة الشركة في مواجهة المنافسين من خلال العوامل التنافسية الرئيسة.
مع استخدام أطر الاستراتيجية الحديثة الشاملة، مثل ابتكار نموذج الأعمال (Business Model Innovation)، يمكن لمستشاري الاستراتيجية مساعدة الشركات على تحقيق تحول شامل لا يفتح مساحات سوقية جديدة فحسب؛ بل يعزز أيضاً الكفاءة العامة واستدامة عملياتها.
4. استراتيجية التشكيل
مع تطور الصناعات وتزايد ترابطها، أصبح تشكيل الاستراتيجيات أمراً هاماً جداً، وتركِّز هذه الاستراتيجيات على العمل مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين للتأثير في تغييرات السوق وقيادتها، ويعدُّ هذا النهج حاسماً في البيئات التي لا يمكن التنبؤ بها، فيمكن للشركات استخدام نفوذها لتوفير قيمة مشتركة وتشجيع الابتكار في جميع أنحاء الصناعة، وتغيِّر الشركات التي تتبع استراتيجية التشكيل الصناعة من خلال توجيه تطوير السوق لصالحها، ومن خلال التنسيق مع جميع أصحاب المصلحة المشاركين في سلسلة القيمة، وهذا يتطلب من الشركة العمل مع مجموعة متنوعة من الشركاء وتقاسم المخاطر والموارد والقدرات.
عند القيام بذلك يمكن للسوق أن ينمو بسرعة من خلال الجهود المشتركة لعدد من المساهمين، ويُقدَّم الإطار الأحدث والأكثر تأثيراً - القيمة المشتركة - من قِبل "مايكل بورتر" (Michael Porter) و"مارك كرامر" (Mark Kramer) في عام 2011، وهو يؤكد أهمية توفير قيمة اقتصادية بطريقة تنتج أيضاً قيمة للمجتمع من خلال معالجة تحدياته.
يتجاوز هذا النهج الاستراتيجي زيادة الربح التقليدي ليشمل التحسين المجتمعي بوصفه عنصراً أساسياً في استراتيجية الأعمال، ويؤدي المستشارون الاستراتيجيون دوراً حاسماً في مساعدة الشركات على تطوير استراتيجية قوية للقيمة المشتركة، والتي تتجاوز مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات النموذجية، وتركز هذه الاستراتيجية على ممارسات التشغيل التي تعزز القدرة التنافسية للشركة مع تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات المعنية في الوقت نفسه، وهذا يضمن أن يكون نمو الأعمال مصحوباً بمساهمات ذات معنى في التنمية المجتمعية.
5. استراتيجية التجديد
بالتزامن مع الاستراتيجيات التي تهدف إلى بناء واستدامة موقف قوي في السوق، أصبحت استراتيجيات التجديد ضرورية للشركات التي تتعامل مع عدم الاستقرار المالي، والمنافسة الشديدة، أو الاضطرابات السوقية الكبيرة، وتُعيد استراتيجية التجديد تنشيط تنافسية الشركة عندما تواجه ظروفاً قاسية تجعل الممارسات التجارية الحالية غير مستدامة.
في مثل هذه الظروف الصعبة، يكون التحول عن المسار الحالي وإعادة تخصيص الموارد أمراً هاماً جداً للبقاء، وبالحفاظ على الموارد في البداية، ثمَّ توجيهها باتِّجاه فرص النمو، فلا يمكن للشركات الصمود في الأوقات الصعبة فحسب؛ بل أيضاً تهيئة نفسها للنجاح في المستقبل، وإطار العمل الأكثر استخداماً لاستراتيجية التجديد هو إطار عمل كوتر (Kotter) لإدارة التغيير، ويشمل 8 خطوات لتنفيذ التغيير ألا وهي إنشاء إحساس بالإلحاح، وتشكيل تحالف توجيهي قوي، وإنشاء رؤية، وشرح الرؤية، وتمكين الآخرين للعمل وفقاً للرؤية، والتخطيط وتحقيق مكاسب قصيرة الأمد، وتوحيد التحسينات، وتحقيق مزيد من التغيير، وإضفاء الطابع المؤسسي على النهج الجديدة.
يؤدي المستشارون الاستراتيجيون دوراً حاسماً في توجيه الشركات من خلال إدارة التغيير، وضمان الانتقال السلس، وخروج الشركة أقوى وأقدر على المنافسة، والمساعدة على تثبيت استقرار الشركة وإعادة توجيه الموارد باتِّجاه فرص النمو.
دراسة حالة مشروع استشاري استراتيجي لشركة أوروبية رائدة في مجال تصنيع السيارات
1. التحدي وتشبُّع السوق وركود الابتكار
واجهَ العميل، وهو مصنع سيارات رائد، ركوداً في الابتكار ومنافسة شديدة في سوق مشبعة، فقد وصل نمو المبيعات إلى مرحلة الجمود، وتراجعت حصة السوق تدريجياً بسبب صعود مُصنعي السيارات الكهربائية، وتغيُّر أذواق المستهلكين، فكان على الشركة رسم استراتيجية شاملة لإعادة تعزيز مكانتها في السوق ودفع النمو المستدام.
2. دور شركة كونسلت بورت (Consultport)
اقترحت شركة كونسلت بورت ثلاثة مرشحين أقوياء خلال يومين، وأجرى العميل مقابلات مع المرشحين، واختار مستشاراً لديه خبرة تزيد عن 10 سنوات في الاستشارات، لا سيَّما في صناعات السيارات والتكنولوجيا، وبفضل خبرته الوظيفية في التحول الاستراتيجي وتحليل السوق والتحول الرقمي، وكونه مقيماً في ألمانيا ولديه خبرة في الأسواق الأوروبية والعالمية، بدأ المستشار العمل مع فريق العميل في غضون أسبوع بعد الطلب الأولي.
3. النهج
الخطوة الأولى: تحليل شامل للسوق والمنافسة
أجرى المستشار تحليل سوات، فحدَّد نقاط القوة (شعبية العلامة التجارية) ونقاط الضعف (عمليات البحث والتطوير المتقادمة)، وشملت الفرص المتاحة الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية، في حين شملت التهديدات دخول لاعبين جدد إلى السوق، وكشف تحليل بورتر للقوى الخمس أنَّ قوة المساومة للمشترين، كانت عالية بسبب وجود عدد من البدائل، وكان تهديد البدائل كبيراً مع زيادة خيارات السيارات الكهربائية، وكانت المنافسة شديدة في قطاع صناعة السيارات، وأكَّد ذلك الحاجة إلى التميز وتحسين أنظمة البحث والتطوير للحفاظ على القدرة التنافسية في سوق السيارات الكهربائية.
الخطوة الثانية: الرؤية الاستراتيجية وتطوير خريطة الطريق
باستخدام إطار عمل بطاقة الأداء المتوازن (Balanced Scorecard framework)، ساعد المستشار العميل على وضع رؤية استراتيجية تركِّز على الريادة في صناعة السيارات الكهربائية ذات التقنية العالية وبأسعار معقولة، ورُسِمَت خريطة استراتيجية لوضع أهداف محددة تشمل الإجراءات المالية والعملاء والعمليات الداخلية وفرص التعلم والنمو، وقدَّمت خريطة الطريق هذه أهدافاً واضحة وقابلة للقياس لكل قسم في الشركة.
الخطوة الثالثة: الابتكار في نموذج الأعمال والتحول الرقمي
استخدمَ المستشار "بزنس مودل كانفاس" (Business Model Canvas) لإعادة تصوُّر نموذج أعمال العميل، مع التركيز على عروض القيمة، مثل السيارات الكهربائية المتقدمة ولكن بأسعار معقولة، والمبيعات المباشرة للمستهلك، وخدمات تحديثات البرامج عند الاشتراك، ودمج إطار العمل للتحول الرقمي تحليل البيانات لتحسين تفاعلات العملاء وعمليات المبيعات، وتضمنت مؤشرات الأداء الرئيسة لهذه الخطوة عدد مكونات نموذج الأعمال الجديدة التي نُفِّذَت، ومعدل نمو المبيعات الرقمية، ومقاييس تفاعل العملاء.
الخطوة الرابعة: التميز التشغيلي وتحسين الكفاءة
طُبِّقت مبادئ التصنيع المرن لتبسيط الإنتاج، وهذا قلل من الهدر وأوقات دورة العمل، وكفلت جلسات التدريب كفاءة الموظفين في هذه العمليات الجديدة، كما حسَّن المستشار سلسلة التوريد لخفض التكاليف بنسبة 15%، وشملت مؤشرات الأداء الرئيسة نسبة كفاءة الإنتاج، ونسبة خفض العيوب، ووفورات تكاليف سلسلة التوريد.
الخطوة الخامسة: مراقبة الأداء والتحسين المستمر
أنشأ المستشار نظاماً جديداً لمراقبة الأداء لتتبُّع نمو الحصة السوقية ومعدل الابتكار ودرجة رضى العملاء والكفاءة التشغيلية، وضمنت حلقة التحسين المستمر تلقِّي التغذية الراجعة بانتظام لتعديل الاستراتيجيات وفق الحاجة.
4. الاستنتاجات
كشف تحليل المستشار عن عدة مشكلات حرجة، ومنها:
- كان تركيز إدارة البحث والتطوير مقصوراً على التحسينات التدريجية بدلاً من الابتكارات الثورية.
- كان الطلب كبيراً وغير مُستغَل على السيارات الكهربائية التي تتمتع بميزات متقدمة وأسعار معقولة.
- كانت العمليات الداخلية صارمة، وهذا منع التكيف السريع مع التغيرات السوقية.
- لم تجذب العلامة التجارية المستهلكين الشباب والواعين بيئياً.
تضمنت مؤشرات الأداء الرئيسة (KPIs) التي حُدِّدَت للتحسين نمو حصة السوق، ومعدل الابتكار، ورضى العملاء، والكفاءة التشغيلية.
5. النتائج
أدى تنفيذ الاستراتيجية الجديدة إلى تحسينات كبيرة، مثل:
- معدل الابتكار: ارتفع معدل طرح المنتجات الجديدة، خاصة في قطاع السيارات الكهربائية.
- رضى العملاء: تحسنت درجات رضى العملاء بنسبة 30%، وهذا يعكس نجاح تجارب العملاء الشخصية وعروض المنتجات المتميزة.
- الكفاءة التشغيلية: ارتفعت الكفاءة التشغيلية الإجمالية بنسبة 25%، نتيجة لتبسيط العمليات والتخصيص الفعال للموارد.
لم يُنشِّط المشروع الوضع التنافسي للشركة فحسب؛ بل أظهر أيضاً القيمة الكبيرة التي يجلبها المستشارون الاستراتيجيون من خلال تطبيق الأطر المتقدمة والأساليب المبتكرة، وبلغت التكلفة التقديرية لمشروع مماثل مع شركة استشارية كبيرة قرابة مليون دولار أمريكي، في حين بلغت التكلفة مع الاستشاريين المستقلين المختارين 500 ألف دولار أمريكي، وهذا أدى إلى توفير قرابة 50%، وتسلِّط هذه الحالة الضوء على فاعلية وكفاءة الاستفادة من مستشاري الاستراتيجية المتخصصين لتحقيق التحولات الاستراتيجية والتشغيلية في صناعة السيارات.
الأسئلة الشائعة عن المستشارين الاستراتيجيين
1. ماذا يفعل المستشارون الاستراتيجيون؟
يحلِّل مستشارو الاستراتيجية الوضع الحالي للشركة ويُحدِّدون فرص النمو ويضعون خططاً استراتيجية لتحسين الأداء وتحقيق الأهداف طويلة الأمد، ويستخدمون منهجيات تعتمد على البيانات لتقديم توصيات بشأن وضع السوق والكفاءة التشغيلية والاستراتيجيات التنافسية.
2. ما هي أهمية المستشارين الاستراتيجيين للشركات؟
يقدم المستشارون الاستراتيجيون منظوراً خارجياً وموضوعياً وخبرة متخصصة لمساعدة الشركات على التغلب على التحديات المعقدة، فهُم يقدِّمون رؤى عن اتجاهات السوق، والتحليل التنافسي، والحلول المبتكرة التي تزيد الكفاءة التشغيلية، وتوفر التكاليف، وتنمي الإيرادات.
3. كيف يساعد المستشارون الاستراتيجيون على خفض التكلفة؟
يحدد المستشارون الاستراتيجيون أوجه القصور ويُحسِّنون العملية التي يمكن أن تؤدي إلى وفورات كبيرة في التكاليف، فمثلاً شهدت الشركات التي تنفِّذ توصيات الاستشاريين تخفيضات في النفقات التشغيلية تصل إلى 15% خلال السنة الأولى.
4. ما هي الصناعات التي تستفيد أكثر من الاستشارات الاستراتيجية؟
تستفيد الصناعات، مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات المصرفية والخدمات المالية والتأمين والرعاية الصحية والتصنيع استفادةً كبيرةً من الاستشارات الاستراتيجية، وتواجه هذه القطاعات تغيرات تكنولوجية سريعة، وتحديات تنظيمية، ومنافسة شديدة، وهذا يجعل التوجيه الاستراتيجي ضرورياً.
5. كيف يُحسِّن المستشارون الاستراتيجيون أداء الأعمال؟
يفعلون ذلك من خلال تطوير خطط استراتيجية شاملة، وتحسين العمليات الداخلية، وتحديد فرص السوق الجديدة، وأبلغت الشركات التي تتعاقد مع المستشارين الاستراتيجيين عن زيادة في الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والاستهلاك بنسبة 10-15% في المتوسط وتحسن في وضعها في السوق.
في الختام
لا غنى عن المستشارين الاستراتيجيين لنجاح الأعمال، فهُم يحققون نتائج ملموسة من خلال خبراتهم ومنهجياتهم، وبتحليل اتجاهات السوق وتنفيذ استراتيجيات مخصَّصة، يساعدون الشركات على تقليل النفقات التشغيلية بنسبة تصل إلى 15%، وزيادة الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والاستهلاك بنسبة 10-15%، وتحقيق متوسط نمو في الإيرادات بنسبة 10%.
إنَّ دورهم هام تحديداً في الصناعات التي تواجه منافسة عالية وتغيرات سريعة، مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والرعاية الصحية، وإنَّهم يستخدمون أُطر عمل استشارية شاملة لتحليل مشكلة العميل وتقديم حلول منظمة لمشكلتهم، وتوضِّح دراسة الحالة كيف يستطيع المستشارون الاستراتيجيون تعزيز مكانة الشركة في السوق، ودفع الابتكار، وتحسين رضى العملاء، كل ذلك مع تحقيق فاعلية من حيث التكلفة، وتوفِّر الاستعانة بالمستشارين الاستراتيجيين فوائد قابلة للقياس وتضمن ميزة تنافسية طويلة الأمد.
Ads space
Latest Articles
Stay up-to-date with the latest
Be aware of the latest articles, resources and upcoming courses