5 تحديات تواجهها معظم الشركات الاستشارية (الجزء الثاني)

لقد لقد تحدثنا في الجزء الأول من المقال عن تحديين اثنين من التحديات التي تواجهها معظم شركات الاستشارات، وسنتابع الحديث في هذا الجزء الثاني والأخير منه عن بقية التحديات.

5 تحديات تواجهها معظم الشركات الاستشارية

3. الاصطدام بحائط المشروع

"الاصطدام بحائط المشروع" هو أمر شائع في الشركات الاستشارية التي تعتمد على المشاريع، وللأسف، فإنَّ معظم الشركات الاستشارية لا تتخطى هذا "الحائط"، فهي ترغب في النجاح الاستراتيجي، ولكنَّها عالقة في أعمال المشاريع ذات القيمة المنخفضة بمستوى مشاركة منخفض، وتخبرني معظم الشركات الاستشارية بأنَّها لديها الطموح للانتقال إلى أعلى السلم، ومع ذلك، فإنَّ الأمر ليس سهلاً إذا كانت الشركة الاستشارية تنجز مشاريع صغيرة لفترة طويلة.

لدى الفريق خبرة في تنفيذ المشاريع (وقد تم توظيفه لهذا الغرض)، ومن الصعب تغيير التصور الخارجي لهذه الشركة الاستشارية على أنَّها شركة مشاريع صغيرة، فالانتقال إلى أعلى السلم والقيام بأعمال استراتيجية (بأسعار مرتفعة) بعد سنوات من تسعير المشاريع (بأسعار منخفضة) قد يُذهل العملاء.

مع ذلك، فإنَّ الشركات الاستشارية التي لديها طموح للعمل في أعلى السلم يجب أن تعمل بنشاط لتخطي الحائط وتحويل صورتها في السوق كشركة استشارية متخصصة بالاستشارات في مجال معين، وبمجرد عبور الحائط، ستتمكن من الوصول إلى المستوى التالي من النمو التجاري.

إنَّه المستوى الذي تتعامل فيه الشركة مع العملاء المثاليين فقط، وتستطيع قول "لا" بسهولة لجميع الفرص غير ذات الصلة، إنَّه الوقت الذي تتقاضى فيه الشركة رسوماً متميزة بسبب الطلب المرتفع على خبرتها العميقة والأثر التحويلي لعملها، إنَّه الوقت الذي تدعى فيه الشركة للعمل مع عميل بدلاً من تقديم عروض أسعار منخفضة للحصول على المشاريع وإرسال رسائل متابعة لا نهاية لها.

كيفية معالجة مشكلة الاصطدام بحائط المشروع

ما لاحظته في العقد الماضي في مجال الاستشارات هو توجُّه شبه لا مفر منه نحو المشاريع الصغيرة ذات الإيرادات المنخفضة، وهذا يؤدي إلى ما يأتي:

  • ضغط عالٍ لتوليد العملاء المحتملين للحفاظ على تدفق العمل.
  • إيرادات سنوية إجمالية لكل موظف بدوام كامل أقل بكثير من المعدلات السوقية.

هذا التوجه نحو الأسفل هو أيضاً أثر جانبي آخر للتموضع دون المستوى الأمثل، فإذا كانت طموحاتك هي أن تصبح شركة استشارية أكثر استراتيجية، وأكثر عملاً في أعلى السلم، وتحديد أسعار متميزة، فإنَّ نصيحتي المختصرة هي بناء خطة عمل لتخطي الحائط بشكل دائم مع ما يأتي:

تطوير مراجعة اكتشاف

فتساعد مراجعة الاكتشاف الشركات على فهم فرص التحسين في مجال محدد (استراتيجي)، على سبيل المثال، تحسينات مخزون سلسلة التوريد، وتحليل مخاطر الأمن السيبراني، ودراسة جدوى تحليل البيانات، وما أشبه ذلك.

إنَّ منتج التسليم هو خريطة طريق مع ملخص لجوانب التحسين والتوصيات، وبناءً على القدرة الداخلية للشركة الاستشارية (الأشخاص)، يمكنها أن تقرر كم من هذه الخريطة تستطيع عرض تنفيذه، إنَّها بوابة دخول للمنظمات والارتقاء في العمل الاستشاري.

تطوير عرض قيمة "بناء الوظيفة"

فمعظم الشركات الاستشارية ليس لديها عرض قيمة محدد لمساعدة المنظمات على "بناء الوظيفة" (أو تحسينها، والتي يمكن أيضاً تضمينها في مراجعة الاكتشاف)، على سبيل المثال من أيامي الاستشارية في تحليلات الموارد البشرية (PA): كانت مهنة (وظيفة) تحليلات الموارد البشرية في المراحل المبكرة من النضج في معظم الشركات بين عامي 2010 و2018، ولقد ساعدنا كثيراً من المنظمات على إنشاء وظيفة تحليلات الموارد البشرية (PA)، والإجابة عن جميع أنواع الأسئلة المتعلقة بهيكل الوظيفة، والحالة التجارية لبناء الوظيفة، والخبرة المطلوبة، ومواصفات الدور/الوظيفة، وغير ذلك.

استغرق الأمر مني بعض الوقت لفهم قوة هذا العمل في الانتقال إلى أعلى السلم وتجاوز حائط المشروع، وأود أن أقول: فكر في الأمر، إنَّه مقترح مثالي "لتخطي الحائط".

توجيه الفريق لدعم الانتقال إلى أعلى السلم

والأرجح توظيف ملفات تعريف مختلفة في المستقبل (بسبب الخبرة في المشروع وليس الخبرة الاستراتيجية)، وجعل الفريق (أكثر) وعياً بتأثير ضغط توليد العملاء المحتملين الحالي (مشاريع إيرادات أصغر).

4. المحتوى الذي لا يولد الطلب

أنا من أشد المؤيدين لتثقيف الجمهور لتنمية الأعمال الاستشارية إنَّها ليست استراتيجية مجردة، بل أسلوب مثبت لتطوير الأعمال والتسويق، وفي العصر الرقمي، هذا ليس ملائماً فحسب، بل تزداد أهميته أيضاً، ومع ذلك، فإنَّ الشركات التي تضع تثقيف الجمهور في مقدمة نشاطاتها التسويقية يجب ألا تفشل في القيام بذلك بناءً على استراتيجية توليد الطلب.

لقد رأيت العشرات من الشركات تنتج محتوى قائماً على الخبرة، لكنَّها لم تحقق أي نتائج ذات معنى؛ لأنَّها فشلت في شرح النهج التحويلي الذي تتبعه الشركة الاستشارية بإيجاز، والذي سيسمح للعملاء بالتخلص من مشكلاتهم، فيتعلق الأمر كله بإنشاء رؤية جريئة عن إمكانية التحول إلى نهج جديد ومختلف، ويجب أن تكون رؤية الشركة الاستشارية مُعدية، فما "تبيعه" شركة الاستشارات ليس ما تروجه، بل ما تفعله للعميل (لا تنس هذه الجملة أبداً!).

على سبيل المثال، ليس من الكافي القول: "هذا هو التوجه للعام القادم"، فتحتاج الشركات الاستشارية إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك لتوليد فرص الأعمال.

كيف سيؤثر هذا التوجه في الجمهور المستهدف؟ ما الذي يجب فعله للتحضير لهذا التوجه؟ لماذا تزداد الحاجة لاتخاذ الإجراءات اللازمة الآن، قبل أن يستقر التوجه؟ ما هي الفرص التي يفوتها الجمهور المستهدف بسبب عدم اتخاذ إجراءات معينة؟  إضافة إلى كون المحتوى تعليمياً، يجب أن يكون مدفوعاً بالعمل.

كيفية معالجة مشكلة المحتوى الذي لا يولد الطلب

لإنشاء الطلب على خبرة الشركة الاستشارية، من الضروري تغطية هذه المنظورات الثلاثة المترابطة مع عرض قيمة الشركة:

  • تحويل تفكير العميل المحتمل: جلب المشكلات والأنماط المخفية إلى السطح، وإلهام الجمهور لتحويل طريقة تفكيرهم تجاه تحديات الابتكار الأساسية أو الكامنة.
  • تصوير الإمكانات التحويلية: إنشاء رؤية جريئة عن الإمكانات التحويلية للتحول إلى نهج جديد ومختلف (مثل الاستعداد للمستقبل).
  • شرح تكلفة عدم اتخاذ إجراء: شرح تكاليف الفرصة الضائعة أو تكاليف الحفاظ على الوضع الراهن، فلا يريد الجمهور المستهدف سماع ما يعرفونه بالفعل عن مشكلاتهم.

يحتاج الجمهور المستهدف إلى التحفيز لاتخاذ إجراء، فلا يتوقف التعليم عند شرح ما يحدث، بل يجب مواصلة التعلم حول تأثير ما يحدث وما سيحدث في المستقبل، ويمكن للخبراء الحقيقيين فقط التنبؤ بهذا النوع من المحتوى التعليمي وتقديمه.

تحديات تواجه استشاري الأعمال

5. غياب أصوات القادة الاستشاريين

ما زال الأمر يدهشني بشدة، لقد تردد قادة وشركاء الاستشارات دائماً في مشاركة آرائهم وخبراتهم الجريئة علناً، فما هو السبب؟ هل يهدد الانفتاح سلطتهم؟ هل يخشون الانتقاد؟ هل هؤلاء القادة "وصلوا إلى القمة" ولا حاجة لهم الآن للتعبير عن آرائهم؟ أو هل هم صامتون عمداً للحفاظ على جميع الخيارات مفتوحة، وتجنُّب حصرهم بمجال خبرة معين أو صناعة أو دور إداري معين؟

في بعض الأحيان يكون الأمر كذلك، وفي أحيان أخرى، يرفض القادة تخصيص الوقت لإنشاء محتوى منتظم لقيادة الفكر وتعليم الجمهور، وهذا خطأ فادح لقادة الاستشارات، ورؤية قصيرة النظر جداً، فلا عجب في أنَّ شركات الاستشارات المتخصصة الصغيرة مع قادة "المدرسة الجديدة" (الذين يعلمون جمهورهم علناً) يمكنهم التغلب على الشركات الأكبر عند تقديم العروض الترويجية.

كيفية معالجة مشكلة غياب أصوات قادة الاستشارات

أفضل الاستشاريين الذين أقابلهم هم أيضاً معلمون استثنائيون؛ إنَّهم يعلِّمون عملاءهم، ويشاركونهم أفضل الممارسات، ويخبرونهم بالتوجهات التي يجب مراقبتها، ويشاركونهم باستمرار نصائح قيِّمة عن تحقيق النجاح، ويوضحون كيف ساعدوا الآخرين الذين هم في نفس وضعهم، فيتمتع القادة الاستشاريون الذين وصلوا إلى القمة بفرصة فريدة لمشاركة أفكارهم الرائدة على نطاق واسع وجذب عملاء جدد متميزين.

يشتري الناس من الأشخاص ذوي الصوت الرائد الذي يبني الثقة ويغير تفكيرهم بشأن التحديات اليومية التي يواجهونها.

قائد الاستشارات، قصتك أهم مما تظن، فإنَّ قصتك الأساسية التي لا تضاهى بصفتك مستشاراً - العملاء الذين عملت معهم، والمعرفة التي تراكمت لديك على مر السنين، وأنواع المشاريع التي أكملتها - كلها جزء من عرض القيمة الشامل والمميز.

إليك نصيحتي بشأن مشاركة محتوى القيادة الفكرية بطريقة تؤدي إلى نجاح تطوير الأعمال:

  • لا تركز أبداً على الترويج الذاتي، وانتبه إلى ذلك: بدلاً من الترويج الذاتي، عليك ربط النقاط بين قصتك الخلفية وعرض القيمة الموجَّه للعميل. بعبارة أخرى، كل ما تعلمته على مر السنين عن المشكلات المحددة لعملائك المثاليين سيضيف قيمة هائلة لرحلتهم المستقبلية لحل المشكلات.
  • ركز دائماً على حل المشكلات: ماذا تعلمت على مر السنين يمكن للعميل الاستفادة منه لحل مشكلته؟ ربما لا تكون خبرتك الاستشارية استثنائية حقاً، لكنَّك بالتأكيد كذلك؛ لذلك، فأنت عنصر أساسي في عرض القيمة الشامل للشركة الاستشارية.

في الختام

التحديات الخمس التي حددتها اليوم كلها على المستوى التأسيسي، وهذا يعني أنَّها تؤدي عادةً إلى عدة مشكلات في جميع أنحاء الأعمال الاستشارية، ولتحقيق نمو أعمال مستدام ويمكن التنبؤ به، يجب على الشركات الاستشارية ألا تركز على الأعراض، بل يجب أن تستخدمها لفهم سبب وجودها في وضعها الحالي.

فقط من خلال بناء أساس قوي، يمكن للشركات الاستشارية تعديل كل عملية أخرى وجهد لتطوير الأعمال لتقديم نتائج متسقة، وفقط من خلال توحيد جميع الفرق حول الجوهر القوي، يمكن للشركات الاستشارية تحقيق أقصى عائد من كل رسالة ومقترح وحملة.

أحدث المقالات

ابق على اطلاع بآخر المستجدات

کن على اطلاع بآخر المقالات والمصادر والدورات القادمة