10 خطوات يغفل عنها المبتدئون في مجال الاستشارات
"من المستحيل ان تعيش دون أن تفشل في شيء ما، إلا إذا كنت تحيا بحذر شديد لدرجة أنَّك لا تعيش على الإطلاق، وهذا هو الفشل بعينه. - الكاتبة البريطانية "جي. كيه. رولينغ" (J.K. Rowling).
يتعلم الإنسان خلال مسيرته المهنية من أخطائه، ويتطور نتيجة هذه الأخطاء، وهذا ينطبق على العمل ضمن المجال الاستشاري أيضاً.
لذلك يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على أبرز الخطوات التي يغفل عنها المستشار المبتدئ، علَّه يساعد القارئ في تجنب الأخطاء الشائعة، والاستفادة من تجارب الآخرين في اختصار الوقت والجهد.
أهم 10 خطوات لا يعرفها المبتدئين في مجال الاستشارات
في ما يلي، 10 خطوات يغفل عنها المبتدئون في قطاع الاستشارات:
1. إعداد استراتيجية زمنية
يُعَد سوء إدارة الوقت مشكلة كبيرة؛ إذ إنّه يهدر كثير من الجهود سدىً، ويمكن اختصار 20-30% من وقت العمل من خلال اتباع استراتيجية وقت ذكية.
يقترف المستشار المبتدئ في بداية مسيرته أخطاء تمنعه من إثبات وجوده وتعزيز ظهوره في هذا المجال، ويُذكَر منها إهمال الإجراءات التالية:
- أتمتة التسويق (توليد العملاء المحتملين تلقائياً).
- استخدام نظام إدارة علاقات العملاء (CRM) لتتبُّع طلبات العملاء، والعروض، ومحادثات البيع، تتبُّعاً صحيحاً.
- استراتيجية محتوى مدروسة، تستند إلى احتياجات العملاء.
- تقويم محتوى منضبط لتخطيط إجراءات الإعداد والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي. مسبقاً، ولتنسيق العمل مع خبراء الدعم الخارجيين.
قد يضطر المستشار الذي يهمل الإجراءات آنفة الذكر إلى العمل حتى وقت متأخر من الليل، وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أو بين الاجتماعات الهامة، كما تكون عمليات إنشاء المحتوى لديه عشوائية وغير فعالة. لذا، يمكن اختصار كثيرٍ من الوقت والجهد عند اتباع استراتيجية وقت مدروسة بصورة صحيحة.
2. التخصُّص
لبدء عمل استشاري يجب على المستشار أن يختار تخصصه الدقيق بأسرع ما يمكنه وفي وقت مبكر من مسيرته المهنية. يمكّنك تضييق نطاق الخبرة من ترسيخ نفسك بصورة أقوى في القطاع الذي تعمل فيه؛ إذ لا يمكنك فرض نفسك بصفتك في المجالات كافةً.
يتطلب هذا شجاعةً وانضباطاً؛ إذ إنَّ الالتزام بتخصُّص دقيق من أجل النمو، قد يكون أمراً مخيفاً أحياناً.
يوجد عديدٌ من العوامل للقلق بشأنها، مثل الأمور المالية، وأجور الموظفين، وحتى خيبة أمل العميل في حال رفض مشروع خارج التخصص الذي اخترته. ربما يقلق المستشار من انخفاض الإيرادات في حال رفضه لمشروع ما، بالإضافة إلى رغبته في إبراز قدراته.
النصيحة الذهبية هنا هي الالتزام بالتخصص تماماً ورفض أي مشروع خارجه، كما يمكنك الاستعانة بكوتش ليساعدك في الالتزام بما اخترته.
"القاعدة الأولى للنجاح هي التركيز. قلّل من المهام. اختر شيئاً واحداً وكرّس نفسك له بنسبة 100%. لا تسمح لأي شيء أن يشتت انتباهك. ارفض ما لا يناسبك". – "إيف ويليامز" (Ev Williams)، مؤسسة منصة "ميديوم" (Medium).
3. الاستعانة بكوتش
يساعد الكوتش أو حتى شريك المساءلة في الالتزام بالتخصص المحدد الذي يختاره المستشار في بداية مسيرته، وتعزيز مكانته وإثبات وجوده في هذا المجال بسرعة أكبر.
يساعد الكوتش المستشار المبتدئ في تقييم أفكاره، وتحليل أبعاد قراراته، والحصول على تغذية راجعة موضوعية من طرف خارجي دون تحيز، والتركيز على تحقيق الأهداف، والتوفيق بين الحياة الشخصية والعمل من خلال إعطاء الأولوية للرؤية الشاملة، وتقييم النمو الكلي بدل الانشغال بالتفاصيل الثانوية.
إنّ أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو الكاتب والمستشار "لوك سميرز" (Luk Smeyers)، الذي استعان بكوتشين خلال سنوات بدء التشغيل الثماني لشركة "آي-نوستيكس" (iNostix):
- كوتش نمو ساعده في الإعداد الفني وطريقة عرض محتواه وخبرته.
- كوتش تصميم أعمال ساعده في تموضع مشروعه في السوق، وإيصال رسالته لجمهوره المستهدف.
4. الإصغاء إلى العملاء
يُخطئ كثيرٌ من المستشارين في الإسهاب بشرح خدماتهم وما يمكن أن يقدموه، بينما يجب عليهم الاستفسار عن احتياجات عملائهم، والإصغاء إلى مشكلاتهم، ثم شرح الخدمات الاستشارية التي يمكنهم تقديمها لمساعدتهم.
يؤكد معظم المستشارين على جودة خدماتهم وعروضهم الحصرية الفريدة، ربما من باب الغرور وربما من باب التسويق. لكنَّ هذا النهج، في الأحوال جميعها، لا يأخذ احتياجات العملاء المحددة في الحُسبان على نحوٍ كامل.
لذا، يجب على المستشار فهم احتياجات العملاء ومتابعة تغيُّرها بانتظام.
"ممارسة الإصغار بسيطة للغاية، وهي تتطلب منا أن نكون حاضرين، وهذا يحتاج إلى الممارسة المنتظمة. ليس علينا تقديم النصائح، أو الكوتشينغ، أو لبس رداء الحكمة. كل ما علينا فعله هو الجلوس والاستماع". - المؤلفة "مارغريت ويتلى" (Margaret Wheatley).
يمكن أيضاً الاستعانة بمتخصصين خارجيين لمقابلة العملاء المستهدفين، وفهم احتياجاتهم الدقيقة، وكيف يمكن لخدماتك مساعدتهم.
5. تحديد العملاء المثاليين
يوجد فرق كبير بين العميل والعميل المثالي، وهذه نقطة هامة يجب استيعابها. العميل المثالي يعرف ما يحتاج إليه بالضبط، ويدرك قيمة خدماتك. لا حاجة إلى الشرح، أو الإقناع، أو التفاوض مع العميل المثالي، لأنك يدرك ما يمكنه الحصول عليه ويثق بخبرتك.
6. التوفيق بين مهام ريادة الأعمال وتقديم الاستشارات
يجب على المستشار تحقيق التوازن بين كونه رائد أعمال (تحقيق الأرباح)، وكونه مستشاراً (مشاركة الخبرة علناً؛ لترسيخ حضوره وكسب ثقة العملاء).
تنتُج سلوكات خاطئة عند اختلال هذا التوازن مثل التركيز المفرط على البيع، مما يبطئ من سرعة الظهور وإثبات المكانة في السوق. إذا كنت تدير عملك الخاص في مجال الاستشارات، فأنت مستشار ورائد أعمال في الوقت نفسه، سواء أعجبك ذلك أم لا.
تشمل مسؤوليات رائد الأعمال وضع نموذج العمل المثالي الخاص بالمشروع، وتحديد العملاء المستهدفين، وإنشاء العروض، وحساب أفضل الأسعار الممكنة، وتنفيذ الأنظمة والعمليات، وتوظيف أعضاء الفريق وإدارتهم، وفي النهاية تحقيق الأرباح.
"الخبير هو شخص ارتكب جميع الأخطاء الممكنة في مجال ضيق جداً". - الفيزيائي الدانماركي "نيلز بور" (Niels Bohr).
في حين تشمل مسؤوليات المستشار الإصغاء إلى مشكلات عملائك، وتقديم خبرتك، ودعمك، واهتمامك، ومساعدتك، وتكريس نفسك لخدمتهم.
يجب أن تخصص بعض الوقت للتسويق والاستثمار في تعزيز المكانة والشهرة في السوق، أي ينبغي أن تحقق التوازن بين الأهداف قصيرة الأمد مثل تحصيل الإيرادات، والأهداف الإستراتيجية طويلة الأمد التي ترسخ علامتك التجارية في السوق وتضمن استمراريتها على الأمد الطويل.
7. تحديد هوية المشروع الاستشاري
يجب على المستشار تعريف هويته في بدايات مسيرته المهنية؛ إذ يساعده ذلك كثيراً في إنشاء محتوى أصلي، وتعزيز موقعه، وزيادة ظهوره وثقته. ويؤدي ذلك إلى نتائج مُرضية وعملاء واثقين في النهاية.
يكافح عديدٌ من المستشارين لترجمة خبراتهم إلى هوية يفهمها جمهورهم المستهدف بسهولة. تسهم الهوية الصحيحة في تعزيز العلاقة مع العملاء المحتملين لأنهم يفهمون ما تمثله ومن تكون.
"وظيفتنا كمستشارين هي ضمان كوننا الخيار الأول لدى العميل، وأول شخص يفكر به عندما يواجه مشكلة". - المستشار "ويل باخمان" (Will Bachman).
8. البحث عن الأنماط
يتطلب النجاح في مجال الاستشارات إلى البحث عن الأنماط بحثاً متّسقاً وهادفاً. عليك كشف الأنماط لترسيخ نفسك ضمن قطاعك، ويجب أن تفهم تماماً التفاصيل، والخلفية، والسياق، والعلاقات، والخصائص، والتكرار، والحجم، والأطراف المعنية النموذجية، وما إلى ذلك من احتياجات عملائك المستهدفين.
لن تنجح في إثبات وجودك في السوق إذا لم تركز على تخصُّص دقيق يضمن تكرار التعاون مع العملاء في مشاريعهم المستقبلية، واكتشاف أنماط العمل.
9. التوسع البسيط
يجب التركيز على التوسع البسيط، أي زيادة عدد الخدمات ضمن مجال التخصص، وليكن على سبيل المثال: التدريب الشخصي عالي التكلفة لرؤساء الموارد البشرية، أو إنشاء مجموعات حصرية من العملاء، أو تقديم المشورة بشأن الخرائط الاستراتيجية والتوافق التنفيذي، أو خدمات تشخيص حصرية، وما إلى ذلك.
يهدر معظم المستشارين وقتاً كبيراً في تقديم خدمات أو مشاريع مخصصة بالكامل، ورغم أنَّ التخصيص يُعَد ميزة تنافسية، إلا أنَّه يهدر كثير من الوقت والجهد. يمكن حل هذه المشكلة عن طريق التركيز على الجوانب الإستراتيجية، وذلك من خلال تجميع الخبرات في نظام استراتيجي وتسعيره كخدمة تشخيصية مميزة.
10. تقديم الخدمات الملائمة
يندفع كثيرٌ من المستشارين لتقديم خدماتهم وأعلى قيمة ممكنة للعملاء دون أن يخصصوا الوقت الكافي لفهم احتياجات العملاء بدقة أو التأكد من توافق حلولهم مع مشاكل العميل. ويمكن ببساطة توظيف متخصصين خارجيين للتحقق من ملائمة الخدمات للعملاء، ويضمن التعاون الخارجي تجنب التحيزات الشخصية والآراء الخاصة.
"افهم الآخرين قبل أن تطرح وجهات نظرك". - المؤلف "ستيفن كوفي" (Stephen Covey).
يمكن أن يساعدك الخبراء الخارجيون في تطوير وفهم شخصية عميلك المثالي المفصلة، والتي يمكنك استخدامها لتطوير محتواك القيِّم. كما أنَّ عملية التحقق من احتياجات العملاء ليست لمرة واحدة بل يجب أن تكون عملية دورية ومتكررة؛ إذ لا يمكنك تجاهل تكوين علاقة جيدة مع عملائك المستقبليين وفهم احتياجاتهم عند تطوير عرضك الاستشاري أو خبراتك.
في الختام
ناقش هذا المقال الأخطاء الشائعة في المجال الاستشاري، وقدم أفكار عملية لتعزيز الكفاءة وتجنب العثرات. من إدارة الوقت إلى التخصص والاستماع للعملاء، يقدم خطوات واضحة نحو تحسين الأداء المهني. باتباع هذه الاستراتيجيات، يمكن للمستشار أن يحقق التوازن المطلوب بين كونه رائد أعمال ومستشاراً فعالاً، مما يمكّنه من بناء هوية مهنية قوية، والتركيز على النمو المستدام والنجاح.
"يمكنك أن تنجح فقط في المحاولات التي لا تمانع الفشل فيها". - الملحن والعازف "أنتوني مور" (Anthony Moore).
"هل ترغب في معرفة الوصفة السرية للنجاح؟ إنَّها بسيطة للغاية: ضاعف معدل فشلك. أنت تفكر في الفشل كعدو للنجاح، لكنَّه ليس كذلك على الإطلاق. إما أن يحبطك الفشل أو أن يعلمك، لذا استمر وارتكب الأخطاء.
ارتكب أكبر قدر ممكن منها. وتأكد من أنَّك ستجد نجاحك في نهاية هذا الطريق." – "توماس ج. واتسون" (Thomas J. Watson)، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "آي-بي-إم" (IBM).
مساحة اعلانية
أحدث المقالات
ابق على اطلاع بآخر المستجدات
کن على اطلاع بآخر المقالات والمصادر والدورات القادمة