5 تحديات تواجهها معظم الشركات الاستشارية (الجزء الأول)

خلال السنوات القليلة الماضية، أجريت مراجعة شاملة للتموضع ونماذج التطوير التجاري لأكثر من 50 شركة استشارية، كما أجريت محادثات معمقة مع أكثر من 100 قائد من قادة الشركات الاستشارية بمختلف أحجامها، فناقشنا التحديات التي يواجهونها في تطوير أعمالهم، وسعينا إلى الوصول إلى جذور المشكلات التي تعوق تقدمهم.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب لوك سميرز (Luk Smeyers)، ويُحدِّثنا فيه عن التحديات التي تواجهها معظم الشركات الاستشارية، ويُقدم لنا حلولاً لها.

لاحظت وجود عدة أوجه تشابه في الصعوبات التي يواجهها قادة الاستشارات، والتي غالباً ما يصدرون تقارير عنها في سبيل تطوير أعمالهم؛ لذا سأركز في هذا المقال على أكثر التحديات شيوعاً وبروزاً.

إنَّ أساس عملية التقييم التي أتبعها، والتي يمكن للشركات الاستشارية الأخذ بها، هو التحقق من مدى تطابق تصور السوق للشركة الاستشارية مع توقعاتها وأهدافها في النمو التجاري، لن أخوض في تفاصيل عملية تقييمي في هذا المقال، فهي عملية بسيطة ولكنَّها تستحق مزيداً من الشرح والتفصيل، وهذا خارج عن نطاق هذا المقال، ومع ذلك، سأتحدث عن الأسس التي يقوم عليها منهجي في التقييم، والتي ترتكز على التحقق من تطابق تصور السوق مع توقعات الشركة الاستشارية وأهدافها، وبالتحديد، أحاول فهم ما يأتي:

  • كيف تسوِّق الشركة الاستشارية نفسها.
  • كيف تستقطب عملاء جدد.
  • ما هو ملف العميل الحالي مقارنةً بملف العميل المثالي.
  • كيف يدرك العملاء المثاليون رسالة التسويق وجهود تطوير الأعمال.
  • ما هي العمليات الداخلية التي تتبعها الشركة لصياغة رسالتها وشرحها.
  • هل يوجد توافق بين الفرق - من القادة إلى الاستشاريين الأفراد، والتنفيذيين التسويقيين، والباحثين المبتدئين - بشأن رسالتها وكيفية التعبير عنها.
  • هل توجد أي فجوات أو انقسامات في طريقة توصيل رسالتها للعملاء الحاليين والمحتملين.

في كثير من الأحيان، أكتشف أنَّ المشكلات التي تواجهني في الاستشارات ليست سطحية حقاً، ونادراً ما يتعلق الأمر باختيار قنوات التواصل الاجتماعي الخاطئة للحملات التسويقية أو الفشل في تتبع مقياس أو اثنين.

عادةً ما تكون المشكلات التي تواجهني مع الشركات الاستشارية هي أعراض لمشكلات أكبر مضمنة في كل ما يفعلونه.

5 تحديات تواجهها معظم الشركات الاستشارية

1. التموضع دون المستوى المطلوب

دون تموضع قوي، لا يكون لدى السوق المستهدف للشركة الاستشارية فكرة واضحة عما تفعله بالضبط، وكيف تفعله، ولماذا تعد خدماتها ذات قيمة للجمهور المستهدف.

إضافة إلى ذلك، لا تمتلك هذه الشركات إطاراً مناسباً لتنظيم أولوياتها، وعملائها، وجهودها التعليمية، وعمليات تطوير أعمالها، فيؤدي التموضع الضعيف إلى قبول الشركات أي مشاريع قادمة فقط لضمان تدفق العمل، وهذا يقلل من قيمة الخبرة ويجبر الشركات الاستشارية على خفض رسومها للتنافس على العمل.

يؤثر التموضع دون المستوى في كل إجراء تسويقي، وكل رسالة، وكل منشور، وكل مشاركة في المؤتمرات، إذ لا توجد رسالة واحدة يركز عليها الجميع في الشركة ويعملون على تعزيزها.

دون تموضع قوي، تفشل إحالات العملاء ودراسات الحالة في إظهار القيمة الفريدة للشركة الاستشارية، وكلما أصبحت أقل أهمية للعملاء المحتملين غير المثاليين من خلال تحويل تموضعك بعيداً عنهم، أصبحت أكثر أهمية لعملائك المستهدفين، ولكن هذا يتطلب الشجاعة والانضباط.

كيفية معالجة مشكلة التموضع دون المستوى المطلوب

أوصي الشركات الاستشارية بالتفكير ملياً في جمهورها المستهدف.

من هم؟ ما هي مشكلاتهم؟ ما هي النتائج التي يتوقعونها؟ هل هي مشكلات سطحية، أم أنَّها تشير إلى مشكلات أكبر يجب معالجتها في سياق أوسع؟ أحث الشركات الاستشارية على إجراء أبحاث منتظمة ومنظمة حول عملائها لكي تكون على دراية بما يحدث مع جمهورها المستهدف، وبمجرد تحديد الجمهور المستهدف، يجب تطوير التموضع بناءً على عرض القيمة القائم على حل المشكلات.

يجب على الشركات الاستشارية ألا تعد مراجعات التموضع مهمة روتينية لحل مشكلة ما، فمراجعة التموضع وتحديثه أمر رائع؛ لأنَّه علامة على النمو والتطور والتفكير والتوافق مع التطورات الجديدة في السوق.

سواء كان ذلك بسبب ضعف التموضع الحالي أم لأنَّ التموضع الحالي لم يعد يناسب الشركة، فإنَّ إعادة العمل على هذا العنصر الأساسي تؤدي إلى إحراز تقدم كبير.

التموضع ليس ثابتاً أبداً، على النقيض من ذلك، قد تكون الشركة الاستشارية ركزت بشكل أساسي على نوع العمل التنفيذي، ومع ذلك، وعلى مر السنين، تعمقت خبرة الشركة الاستشارية وحققت مستوى أعلى من المشاركة، والمشورة الاستراتيجية، ويجب أن يعكس التموضع هذا النمو التصاعدي.

الشركات الاستشارية

2. الرؤية الداخلية القوية

الرؤية الداخلية هي عقبة شائعة تواجهها الشركات الاستشارية، وهي (أثر جانبي آخر) للتموضع دون المستوى الأمثل؛ لأنَّ التموضع القوي سيؤدي دائماً إلى التفكير الموجَّه نحو العميل.

لقد تعلَّمتُ أنَّ الاستشاريين والشركات الاستشارية يواجهون صعوبة في التخلص من رؤيتهم الداخلية: "نحن الأفضل في هذا"، "نحن الأفضل في ذاك"، "نحن فريدون"، "نحن فائزون بالجوائز"، "لدينا خبرة طويلة"، "نحن مبتكرون، ورائدون، ومتحمسون، ونركز على النتائج، ونركز على العملاء، ونعمل بروح الفريق الواحد"، على سبيل المثال لا الحصر.

غالباً ما تكون هذه الرؤية مدفوعة بالفخر أو الشغف أو الاعتقاد القوي بالخبرة، وأحياناً بالغرور؛ أفهم ذلك، فقد مررت بهذا الأمر، ولكن دعونا ننظر إلى الأمر من منظور آخر، فلا أحد مهتم بهذا العرض الذي يركز على "نحن"، فلا يهتم العملاء بخبرة الشركة الطويلة، إنَّهم يهتمون بما إذا كانت الشركة لديها سجل حافل في حل مشكلة محددة جداً؛ (وهذا قد يكون هو الحال حتى مع سنوات قليلة من الخبرة).

لا يهتم العملاء المحتملون إذا كانت الشركة الاستشارية تسمي نفسها فريدة من نوعها، إنَّهم يهتمون بما إذا كانت الشركة تمتلك الخبرة لفهم المشكلة بشكل كامل وتقديم المشورة المناسبة، فيريد العملاء النتائج، ويريدون الثقة في شريكهم الاستشاري، ويريدون خبراء تتجاوز معارفهم بكثير المعرفة التي يمتلكونها داخلياً، ويتعلق الأمر كله بالعميل واحتياجاته، فالرؤية الداخلية والتركيز على الذات غير مجدٍ.

كيفية معالجة مشكلة الرؤية الداخلية

على الشركات تحويل رسالتها من الداخل إلى الخارج، فيجب أن تكون الرسالة الموجهة نحو العميل في مقدمة كل عملية تواصل، ويجب أن يتحول العرض الخدمي الموجَّه نحو الناتج ("هذا ما نفعله") إلى العرض الموجَّه نحو النتائج ("هذا ما يمكن تحقيقه").

تحتاج الشركات الاستشارية إلى تحويل التركيز من نفسها و"خدماتها الفريدة" إلى مشكلات وعقبات عملائها المحتملين والحاليين.

هذا ما أوصي الشركات الاستشارية بالتفكير والحديث عنه عند صياغة عمليات التواصل، سواء كان منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي، أم إعلان على موقع الويب، أم بريد إلكتروني إلى عميل محتمل، أم دراسة حالة:

  • أين العميل من كل هذا؟
  • من هم العملاء المستهدفون؟
  • ما هي مشكلات العميل التي يمكن للشركة حلها؟
  • ما هو التحول المحدد الذي يمكن للشركة الاستشارية تحقيقه لحل هذه المشكلات النمطية؟
  • ما هو رأي الشركة بهذه المشكلات النمطية للعميل؟
  • ما هي القيمة أو التأثير الذي سيحققه استشاريو الشركة؟
  • أين يكمن عرض القيمة للشركة؟
  • أين الدليل الاجتماعي المحدد للشركة المرتبط بعرض القيمة؟
  • أين الجهد التعليمي للشركة ونصيحتها لحل المشكلات؟

تحتاج الشركات الاستشارية إلى التأني وإعادة تقييم وإعادة كتابة رسالتها لوضع العميل المثالي في مركزها.

في الختام

لقد تحدثنا في هذا الجزء الأول من المقال عن تحديين اثنين من التحديات التي تواجهها معظم شركات الاستشارات، وسنتابع الحديث في الجزء الثاني والأخير منه عن بقية التحديات.

Latest Articles

Stay up-to-date with the latest

Be aware of the latest articles, resources and upcoming courses